لم يتعرض إلى جامع سيدي بوجمعة الذي ذكره بروسلار ولا جامع أغادير. ولعلهما قد أصبحا عندئذ من الذكريات الأثرية فقط.
وفي مراسلة مع يحيى بوعزيز أفادني أن الجامع الكبير في تلمسان قد شيد سنة ٥٣٠/ ١١٣٦ على يد علي بن يوسف بن تاشفين. وهو يضم قبة تتدلى منها ثريا ضخمة، وله منارة مثمنة الأضلاع ذات ٣٥ درجة من بناء يغمراسن الزياني، وقد نقلت الثريا إلى المتحف بعد تاكلها، غير أن ثريا أخرى تقع قرب السدة لها ٣٦٥ مشكاة جددها الفنان محمد بن قلفاط سنة ١٩٤٣. على أن السلطات الفرنسية قامت بالنسبة للجامع الكبير في تلمسان بما قامت به نحو الجامع الكبير بالعاصمة (وكلاهما يرجع إلى عصر واحد) فأحاطته بالمباني التي حجبته عن الأنظار، كما استولت على الأراضي التابعة له. أما جامع المشور فيرجع أيضا إلى عهد المرابطين أو إلى عهد الزيانيين، وقد حوله الفرنسيون إلى كنيسة ثم جعلوه مخزنا للمستشفى العسكري. وما تزال آثار الكنيسة به مثل الصلبان، رغم أنه رجع إلى حالته كمسجد منذ الاستقلال. أما مسجد العباد فيرجع إلى العهد المريني (بنى سنة ٧٣٩/ ١٣٣٩) وله منارة مربعة وفيه زخرفة، على محرابه وجدرانه نقوشں. وقد جدد الأمير عبد القادر منبره. وبالإضافة إلى ما ذكرنا من مساجد تلمسانية هناك التالية: مسجد إبراهيم المصمودي، وأولاد الإمام، وسيدي زكري، وسيدي إبراهيم الغريب، وأبي عبد الله الشريف، وسيدي عبد الله بن منصور، والشرفاء، وسيدي الحسن الراشدي (حوله الفرنسيون إلى مستوصف)، وسيدي البنا (١).
وقد أكد أوغسطين بيرك الطابع الفني الأصيل لمساجد تلمسان وعلاقة ذلك بالفن الأندلسي، ولا سيما المنارات، وقال إن طابع مساجد تلمسان يجذب المؤمنين (المصلين) بالفن وغموض العصور الغابرة، بخلاف المنارة
(١) مراسلة معه في شهر مارس ١٩٩٦. وكان بوعزيز قد كتب عن مساجد تلمسان سنة ١٩٨٦ للإذاعة الجزائرية فأرسل لي نسخة من عمله، مشكورا.