للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمسلمين، لكنها تعرضت إلى تعديل وتغيير وتعطيل أيضا. كانت من الزوايا الكبيرة في العاصمة. وكانت تتألف من باحة واسعة، فيها مجموعة من القبور، ومن مطهرة وميضآت، ومن غرفة (قبة) مربعة ومزينة بالأعلام تحتوي على ضريح سيدي محمد الشريف، والضريح مغطى بتابوت غير مزخرف، حسب رواية ديفوكس. وتضم الزاوية مسجدا بمنارة (١) ودهليزا فيه قبور أخرى، وغرفة أخرى فيها ضريح ولد سيدي محمد الشريف، وهي في نفس الوقت مقر لوكيل الزاوية، كما تضم جبانة عمومية، ومدرسة حديثة البناء، ثم ثلاث غرف للسكنى. وتاريخ وفاة سيدي محمد الشريف هو ٩٤٨ (١٥٤٢).

أما مصير هذه الزاوية فقد رواه ديفوكس وغيره كما يلي: منعت السلطات الفرنسية الدفن في جبانة سيدي محمد الشريف سنة ١٨٣٠، هكذا تعسفا وبدون مبرر، بطريقة مخالفة لما هو في وثائق الواقف. ورغم أن هذه السلطات قد أبقت الزاوية في يد المسلمين إلا أنها أغلقتها سنة ١٨٣٠، ثم أعادتها بعد أن رممتها وبنت إزاءها مدرسة، ولكن هذه المدرسة هدمت أيضا سنة ١٨٥٥ بدعوى توسيع الزاوية (٢). ونستنتج من ذلك أنه قد وقع العبث بهذه الزاوية من قبل السلطات الفرنسية، فمن جهة أغلقتها ومنعت الدفن فيها، ثم استولت على أوقافها، ثم عادت لأسباب سياسية (ترضية فئة الأشراف (٣)) فرممتها وبنت إزاءها مدرسة ثم هدمتها ووسعت الزاوية، ولا نظن أن هذه الزاوية قد احتفظت بكل عقاراتها


(١) نفس المصدر، ٢٣٩. وأوميرا، ١٩٠.
(٢) لم نتحدث عن هذا المسجد في المساجد لأنه فيما يبدو ظل قائما، ولأن سمعة الزاوية كانت هي الغالبة.
(٣) من الأسباب أن عائلة سيدي محمد الشريف الزهار قد انضمت للمقاومة بقيادة الأمير عبد القادر، وهاجر بعض أفرادها إلى المغرب، ثم رجعوا بعد هزيمة الأمير، ومن ثمة محاولة الفرنسيين إظهار التلطف نحو عائلة نقيب الأشراف والمعتقدين فيها. انظر ترجمة أحمد الشريف الزهار في فصل التاريخ. وكان أحد أبناء العائلة من المختطفين سنة ١٨٤٣، إذ حمله الفرنسيون رهينة إلى باريس. وهكذا نفهم لماذا عبث الفرنسيون بهذه الزاوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>