للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنسيين بعد أن اعترفت له السلطات بحقوقه الوراثية فيها. واعتبر ديوكس هذا المسلم مثالا للمسلمين الذين ضحوا بالتقاليد وبالدين من أجل المصالح الذاتية، وقال إن لديه عدة أمثلة على ذلك. وقد رد على المنتقدين بقوله إن على الفرنسي أن لا يكون مسلما أكثر من المسلمين (١). ويبدو لنا أن ديفوكس قد ناقض نفسه في هذا المجال، لأنه كان في عدد من المرات ينتقد هدم الآثار الإسلامية من قبل سلطات بلاده أو من قبل المقاولين والملاك. ولعله كان برأيه الأخير يحاول أن يبرئ نفسه لأنه هو الذي تولى حصر المعالم والبنايات والتعرف على وثقائها ومتابعة سجلات الوكلاء وغير ذلك. كما أن أحد أصهاره كان مقاولا وعلى يديه جرت تهديمات عديدة للمعالم. وعند حديثه ذات مرة عن حي قطع الرجل وما جرى فيه من هدم للآثار الإسلامية، تأسف ديفوكس قائلا إنه لا أحد قام بإجراء تنقيب عن هذه الآثار المهدمة في الحي. ولاحظ أن البنايات الفرنسية الجديدة قد دفنت تحتها كاتابات وآثار كثيرة ترجع إلى العهد البربري (الإسلامي)، ولن تخرج من تحتها أبدا. وأضاف صراحة بأن تلك الكتابات (قد كسرت بدون رحمة بيد الهادم الجاهل) (٢).

لكن آخرين لا يتفقون مع هذا الرأي ويرون أن الفرنسيين ارتكبوا خطأ فادحا. في هدم البنايات والمعالم الإسلامية. ولا داعي لتكرار رأي كل من ديتسون، وبلاكسلي، وبولسكي وغيرهم، وقد ذكرنا ذلك من قبل.

بقي أن نعلق على حركة الاحتجاج من جانب المسلمين على هذه الأعمال: إن أوميرا وديفوكس يذكران أن المسلمين كانوا قدريين ومتسامحين ولم يبدوا أية حركة معارضة نحو هدم مقدساتهم، بل أثبتا أن بعضهم قد عطلها بنفسه وباعها للفرنسيين، وقد مر بنا أيضا أن بعض (المفتين) ورجال السلك الديني الرسمي كانوا يوافقون الفرنسيين على


(١) ديفوكس، ٢٤٧. الأمثلة تخص مالكي زاوية سيدي العباسي وزاوية سيدي أيوب.
(٢) نفس المصدر، ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>