للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين، وتحضر الرأي العام للعملية التي ستقبل عليها. حدث ذلك عند نقل رفات سيدي فرج إلى جهة سطاويلي ونقل رفات سيدي منصور من قبته إلى مقبرة الشيخ الثعالي.

ويروي جورج مارسيه أن الكولون كانوا يحسون بالغيرة من المدن والآثار الإسلامية. فقد كانوا يعملون على تخليص أو تطهير المدينة التي هم فيها من أي شيء يجلب الزوار إليها مثل المعالم الإسلامية. وكان مارسيه يتحدث عن موقف الكولون من مدينة تلمسان. إن الكولون فيها كانوا لا يريدون لعاصمة بني زيان أن تنافس أي دائرة من دوائر فرنسا. وقد وعدهم مارسيه نفسه بأن تلمسان الأثرية ستنقرض بالتدرج، كما انقرضت في نظره مدينة الجزائر القديمة، وستسقط (تلمسان) تحت ضربات معاول المنتصرين (الفرنسيين)، ولكنها ستظل مدة طويلة محجة لزوار الفن المعماري (١).

واعترف بعض علماء الفرنسيين بأن الجزائريين قد حافظوا على الآثار. ومنذ ١٨٤٦ كتب أحد المستشرقين، وهو أشيل فوكيه، بعد أن تجول في نواحي قسنطينة وبسكرة، قائلا: إن العرب (يقصد الجزائريين) قلما يهدمون الآثار. فالصخور المتراكمة فوق بعضها لا يمسونها. واعترف فوكيه أن الفرنسيين قد هدموا خلال الخمس عشر سنة من الاحتلال ما لم يهدمه العرب خلال عشرة قرون، وهو هنا يكلم عن الآثار الرومانية (٢). وإذا كان العرب لا يهدمون الآثار الرومانية فالأولى عدم هدم الآثار الإسلامية.

ونفس الملاحظات تقريبا. نجدها عند بيقوني سنة ١٩٠٣. فقد تأسف لما حدث لزاوية يحيى بن محجوبة في مدينة قسنطينة. وكان ابن محجوبة من علماء عصره (القرن ١١ هـ). وكانت الزاوية تحفة فنية وعلى بابها نقيشة


(١) جورج مارسيه وويليام مارسيه (المعالم العربية لتلمسان)، ١٩٠٣، ص ١١١.
(٢) أشيل فركيه (جولة من قسنطينة إلى بسكرة) في (مجلة الشرق) R. du L'Orient، باريس ١٨٤٦، ص ١٤٤ - ١٤٥. وكان فوكيه قد قرأ جولته (بحثه) أمام الجمعية الشرقية في باريس يوم ٢ يونيو، ١٨٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>