للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمجدها وتؤرخ بناءها، ولكن الفرنسيين لم يصبروا عليها فهدموها سنة ١٨٦٥ ودخلت في المباني الفرنسية المحاذية لما كان يسمى بالطريق الوطني (ابن مهيدي حاليا). وكان إلى جانب الزاوية جبانة صغيرة أيضا. وقد عاتب بيقوني الهادمين على اللامبالاة نحو المعالم العربية وعدم عنايتهم بكل ما يمكن أن يخدم المعرفة التاريخية في الجزائر. كما أنهم لم يراعوا في نظره. المشاعر الفنية التي تحتويها الكتابات والخطوط والنقائش والزخارف لمختلف العصور. وقال إنه جاء قسنطينة سنة ١٨٧٨ يبحث فيما أصبحت عليه بعد أربعين سنة من الاحتلال، فلم يتمكن من الوصول إلى أي شيء، لأن الأهالي والأوروبيين جميعا كانوا غير مهتمين. وبعد تفكير وجد بيقوني المقاول الذي هدم عماله مجموعة من المعالم فرخص له بالبحث في أكوام المباني المهدمة. ثم قص كيف وجد النقيشة التي تؤرخ لبناء زاوية ابن محجوبة، في حالة يرثى لها. وفيها آية قرآنية هي {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال} (١).

والواقع أن بعض العناية بالآثار الإسلامية بدأت في عهد كامبون ثم انطلقت في عهد جونار. ولكن جهود المنقبين والباحثين عندئذ وجدت الخطيئة قد ارتكبت والمعالم قد هدمت، ولم يبق إلا محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه. واعترف أحد الباحثين بأن الفرنسيين قد اعتنوا منذ البداية بالآثار الرومانية والبيزنطية وأهملوا الآثار الإسلامية. فالمجلات التي ظهرت منذ منتصف القرن الماضي قد فاضت بالكتابات عن العصور السابقة للإسلام في الجزائر.

ومن ثمة كان ظهور كتاب عن قلعة بني حماد في آخر القرن الماضي مثار تنويه عند بعضهم، مضيفا أن الفرنسيين قد انشغلوا بكل ما هو روماني حتى استنفدوا هذا الميدان، وأهملوا الآثار البربرية والعربية والتركية، وهي


(١) بيقوني E. Bigonet (كتابة عربية من قسنطينة) في المجلة الإفريقية، ١٩٠٣، ص ٣٠٥ - ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>