للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها فقط. ومع ذلك فهو يرفض النقاش حول الاعتراضات التي وردت على مصادرة الأوقاف، وجاء بمبررات لهذه المصادرة لا تخلو من عبرة للجزائريين اليوم. فقد قال عن الشعب الجزائري إنه شعب متعصب غارق في الروتين والتقاليد، بعيد كل البعد عن الأفكار الفرنسية، وهو شعب خصم للمحتلين، ولا يرى في الإصلاحات الفرنسية (؟)، إلا وسيلة للتدخل والإهانة، ونقضا للمعاهدات، والاستغلال. واعترف ديفوكس، بأن الحكومة الفرنسية قد (ضربت ضربة قوية) في الجزائر سنة ١٨٣٠ حين أنشأت نظاما لإدارة أوقاف المسلمين شبيها بما كان عند الفرنسيين. ثم أيد قرار كلوزيل الذي سنتحدث عنه (٠٧ ديسمبر ١٨٣٠) (١).

وهناك أطروحة أخرى جاءت في سجل الإحصاءات (طابلو) لسنة ١٨٣٩، كما رددها بعض الكتاب منذ ذلك الحين. وهي تقوم على أن الوكلاء كانوا غير أمناء ولا نزهاء، فهم يدخلون فقراء ويخرجون أغنياء، ومعنى ذلك أن منصب الوكيل على الأوقاف عموما هو منصب جالب للمال والثروة، وأن مال الأوقاف كان يذهب إلى جيوب الخواص فيستفيدون منه هم قبل غيرهم من أصحاب الحقوق. ويتهم صاحب هذا الرأي نزاهة الوكلاء ويظهر حرص الإدارة الفرنسية على المصلحة العامة أكثر من حرص الوكلاء عليها. ويذهب إلى أن هذه الإدارة قد أبقت على نظام الوكلاء بعض الوقت فظهر فيهم الفساد والتعفن كما كان الحال في العهد (التركي)، ولكن هذه الأطروحة مردودة، لأن السلطات الفرنسية لم (تجرب) هؤلاء الوكلاء ثم تتخذ قرارها بل إن قرارها قد صدر في سبتمبر ١٨٣٠، بعد شهرين فقط من الاحتلال، ولو أنها انتظرت عاما أو عامين أو أكثر وحصلت على حسابات غير نزيهة لصدقنا الأطروحة المذكورة. وقد ضرب البعض مثلا على الفساد وسوء التسيير لدى الوكلاء فقال إن أوقاف مكة والمدينة وحدها كانت سنة ١٨٣٥ توفر ما قدره ٩٠، ٠٠٠ فرنك (بعد المصادرة)، غير أن الفرنسيين لم


(١) ديفوكس (البنايات الدينية ...)، مرجع سابق ٤٤ - ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>