للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غرار المدن الأخرى فقد كان الضيوف والغرباء يجدون ملجأهم وطعامهم من مداخيل الأوقاف (١). وقد ادعى لويس ماسينيون أن الإدارة الفرنسية قد (احترمت) الأوقاف في الجنوب عموما سيما في ميزاب، والغريب أنه ادعى كذلك أن منطقة الهقار ليس فيها مساجد (ومن ثمة ليس هناك أوقاف)، وذهب أيضار إلى أن العادات هناك (في الهقار) غير إسلامية (٢). وقد عرفنا أن في الهقار أهل علم وفضل، وأهل مساجد وزوايا، وإن الإسلام منغرس هناك، وأن للطرق الصوفية مثل التجانية والقادرية والسنوسية دورها القوي في المنطقة (٣).

وقد كان لزواوة نظام دقيق للأوقاف والمساعدات الخيرية. ففي كل قرية جامع أو أكثر، له مئذنة بيضاء متميزة تظهر عن بعد. ولكل جامع وكيل مستقل عن أمين الجماعة، والجماعة هي التي تنتخب الوكيل، وهو عادة من بين. اغنياء القرية ووجهائها ومحل الثقة فيها، وهو عادة من رجال الدين (المرابطين). ويسمى بعد انتخابه وكيل الجامع. فالجامع إذن تديره الجماعة مباشرة بواسطة الوكيل. ولكل جامع أوقافه الخاصة، وهي متميزة عن أملاك القرية الأخرى. وكانت مهمة الوكيل هي السهر على أموال (مداخيل الوقف) الجامع وحفظ الحسابات. فهو الذي يتلقى المداخيل ويتولى الصرف فيما تقرره الجماعة. ولا يصرف الوكيل أي شيء إلا بحضور الجماعة أو مجلس العقلاء في الخروبة. وأحيانا لا تملك القرية كل الجامع ولكن تملكه خروبة خاصة به، وفي هذه الحالة لا دخل لبقية القرية فيه. ووظيفة الوكيل شرفية فقط وهو لا يتقاضى أي مرتب على عمله. وأوقاف الجامع تنجر من المحسنين أو من التركات التي خصصها أصحاب القرية للجامع.

أما الصرف من الأوقاف فله في زواوة مجالات عديدة، ومنها شراء


(١) دبوز (نهضة) ١/ ٢٢٠.
(٢) ماسينيون (الحولية)، باريس، ١٩٥٥، ص ٢٣٥.
(٣) انظر فصل الطرق الصوفية. وكذلك هنري دوفيرييه (اكتشاف والصحراء)، باريس، ١٨٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>