للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوازم الجهاد مثل الذخيرة والأسلحة. ومنها المساعدات للحجاج لأداء فرضهم، وتقديم الصدقات للفقراء والمساكيين، والعناية بالغرباء والمسافرين. وقد ذكرت بعض المصادر أن من بين ما تصرف فيه الأوقاف في زواوة منح الجوائز للشعراء والمغنين الذين يسمون بالفصحاء (الفصاح) (١). ولكن الاستيلاء على زواوة، وإلغاء نظام الجماعة، والسيطرة على الموارد العامة سواء كانت وقفا أو غيره، قد أدت إلى بعثرة الحياة الدينية ومنها حياة المساجد وأوقافها ونظام الوكيل وطرق صرف الأموال على الفقراء والعلم والسلاح.

كما اعترف كوبولاني وديبون بعدة أمور أخرى هامة في هذا المجال. منها أن بعض الفرنسيين استكثروا على الجزائريين مال الأوقاف، فهو في نظرهم أكثر من حاجتهم ومن حاجة ديانتهم (الإسلام)، ورأوا أنه من (العدالة) أن تصرف مداخيل الأحباس في المشاريع الفرنسية الأخرى لتساهم في أعباء الإصلاحات المشتركة! ثانيا اعترف الكاتبان أن دمج مداخيل الأوقاف في الميزانية العامة قد أدى إلى عدم صرفها فيما خلقت له وفي غير الغرض الذي أسست من أجله، ولم يعد يتحصل موظفو الديانة الإسلامية في الجزائر إلا على رواتب زهيدة، لا من المداخيل التي نص عليها المحبس باعتبارهم وكلاء، بل باعتبارهم موظفين تابعين للدولة الفرنسية، وبذلك فقدوا أيضا مكانتهم الاجتماعية بين الناس. ثالثا ذكرا أن اغتصاب الأوقاف كان يشمل في البداية الأملاك الحضرية، ولكنه منذ القرار المشيخي (سنتوس كونسلت ١٨٦٣) وضعت مصلحة أملاك الدولة يدها على كل الأوقاف الريفية أيضا، وهي تلك التي ترجع إلى المرابطين والزوايا المحلية القديمة لدرجة أنه يمكن القول إنه لم يعد في مناطق التل والهضاب العليا أوقاف على الاطلاق بل كلها أصبحت ضمن أملاك الدولة (٢).


(١) هانوتو ولوتورنو (بلاد القبائل) ١/ ٢٨، ٣٥، ٥٠.
(٢) ديبون وكوبلاني، ٢٣٥. ذكر الكاتبان أن الفرنسيين فكروا بعد ١٨٧٠ في إقامة هيئات محلية إقليمية يعطى لها حق الإشراف على الأوقاف، ثم تخلوا عن هذه الفكرة =

<<  <  ج: ص:  >  >>