للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الزواوي انضم بعد ذلك إلى أعداء الباي وقاد ضده الثوار. وقد أرسل إليه الباي من يحمله إلى قسنطينة وحاول استرضاءه ولكن بدون جدوى. ذلك أن الزواوي ظل على غضبه إلى أن توفي وفاة طبيعية ودفن قرب جبل شطابة غير بعيد من قسنطينة. أما محمد الغراب فقد جند أتباعه ضد صالح باي أيضا وأرسل الباي في طلبه وحكم عليه بالإعدام رغم شهرته وتصوفه ورغم نصيحة العلماء له بعدم تنفيذ الحكم فيه. وتذهب الأساطير إلى أن جثة الشيخ محمد قد تحولت إلى غراب ضخم (ومن ثمة تلقيبه بالغراب) فخاف الباي، الذي كان هو أيضا يؤمن بالخرافات، من سوء طالعه. فبنى للمرابط ضريحا بقبة بيضاء جميلة في نفس المكان الذي وقع عليه الغراب، وذلك خارج مدينة قسنطينة (١).

٩ - ومن الثورات الدينية أيضا ثورة درقاوة، أو ثورة أتباع الشيخ محمد العربي الدرقاوي سنة ١٢١٩. وقد كان الشيخ الدرقاوي من فقراء (متصوفة) المغرب الأقصى، ولكن أتباعه كانوا منتشرين في الجزائر وخصوصا غربها. وكان مقدم طريقته في وهران ونواحيها هو الشيخ عبد القادر بن الشريف الذي يعود إلى قرية أولاد بليل، قرب فرندة. وكان ابن الشريف قد أسس معهدا أو زاوية حيث يستقبل الأتباع وتلقى الأذكار وتلقن الأوراد وتعطى كلمة السر، وحيث يدرس العلم ويخرج الأتباع المؤمنون بمبادئهم وطقوسهم ومراميهم. وقد درس ابن الشريف في زاوية القيطنة (حيث ولد الأمير عبد القادر) القادرية ثم توجه إلى المغرب الأقصى فدرس العلم هناك أيضا وأجيز من علمائه ولقي شيخ الطريقة الدرقاوية محمد العربي، الذي عينه ليكون مقدم طريقته في الجزائر. فعاد ابن الشريف إلى بلاده. وأنشأ معهدا وأخذ يدرس


(١) فايسات (روكاي) ١٨٦٨، ٣٦٩. انظر أيضا فيرو (روكاي) ١٨٦٥، ٥٧. ويفسر بعض الأوروبيين موقف المرابطين من صالح باي أنهم كانوا يعارضون سياسته في الإصلاح، ولا سيما في ميدان التعليم. انظر عن صالح باي وعهده وسياسته (ذكر طرف من ولاية المرحوم صالح باي) مخطوط بالمكتبة الوطنية? تونس رقم ٢٦٣. وهو في ٣٤ ورقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>