للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهمتها جمع كميات محددة من حصاد القمح والشعير، ووضعه في مخازن احتياطية لمواجهة السنوات العجاف. ولكن هذه المبادرات كانت في الواقع لفائدة الإدارة التي كانت تريد أن تضمن الاستقرار في البلديات التي فيها بعض الفرنسيين، ذلك أن المناطق التي لا يسكنها إلا الجزائريون لم تنشأ فيها عندئذ هذه الجمعيات، وترك أهلها للإهمال.

وأثناء عهد جول كامبون (٣ ١٨٩) أصبح إنشاء الجمعيات مقننا. فهذا الحاكم الذي كان حريصا على مصلحة فرنسا الاستعمارية وفي نفس الوقت كان متنورا وحريصا أيضا على الاعتراف ببعض المهدنات للجزائريين ولو كانت ظاهرية مثل الألقاب والأوسمة - هو الذي وضع قواعد الجمعيات الاحتياطية في الأرياف. وبناء على ذلك أصبح في إمكان الفرد أن ينخرط بحرية سواء كان من الفلاحين أو الخماسة أو العمال الزراعيين، بشرط أن يتعهد بدفع حصة من حصاده في الحبوب سنويا. ولا نظن أن كلمة (حرية) التي جاء بها ميرانت تعني مدلولها الحقيقي (١). فقد كان أعوان الإدارة الفرنسية يراقبون الفلاحين ويجبرونهم على الاشتراك، بل ويحصون عدد مواشيهم وأشجارهم وكمية حصادهم. ومهما كان الأمر، فإن الحصة التي كان المشترك يدفعها قد تكون عينا وقد تكون نقودا. وكان مجموع الحصص يمثل رأس مال الجمعية.

وتعتبر الجمعيات الاحتياطية جمعيات خيرية من ناحية وجمعيات قرض من ناحية أخرى. فالمحتاجون يلجأون إليها باعتبارهم فقراء أو مصابين أو مرضى. وفي هذه الحالة تقوم الجمعية مقام الأوقاف، أو بالأحرى مقام المكتب الخيري في المدن. وكان يمكن في القديم أن تعوض الأوقاف حاجة الفقير والمعتر، وكذلك كانت الزوايا الريفية تؤدي هذه الوظيفة الاجتماعية.


(١) ميرانت (كراسات)، ٢٨. انظر تعليق (مجلة العالم الإسلامي)، يناير ١٩٠٨ عن تقرير كاتب الحكومة العامة في الجزائر، السيد فارنييه varnier حول الجمعيات الاحتياطية. ونلاحظ أنه ذكر أنها أنشئت في البلديات الكاملة (أي ذات الأغلبية الفرنسية). وفيما أوردته المجلة أرقام مفيدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>