ولكن مع نهاية القرن تبخرت الأوقاف وأموال الزوايا - عدا بعضها - فحاول الفرنسيون تعويضها بالجمعيات الاحتياطية اللائكية. ومن جهة أخرى كانت هذه الجمعيات نظريا تقدم القروض والمساعدات العينية إلى الفلاحين والخماسة لتطوير زراعتهم وتنميتها بشراء الآلات وتحسين الإنتاج. وكل المردود كان يذهب إلى الإدارة، بالطبع. ولذلك قلنا إن المشترك يستفيد منها نظريا فقط.
وكان قانون هذه الجمعيات قد نص على أن يكون رأس المال راجعا إلى الجمعية وليس إلى الأعضاء. وليس لأحد الحق في طلب تقسيمه. والوظائف في الجمعية كلها كانت مجانية ما عدا وظيفة الخزناجي أو أمين المال، وكذلك الكاتب. وينمو رأس مال الجمعية أيضا من الفائدة التي على المقترض أو المستفيد أن يدفعها وهي ٥%. وهنا يدخل التعامل المخالف للشريعة الإسلامية إذ أنه تعامل بالربا. ولعل المشتركين كانوا يجهلون القواعد الشرعية أو كانوا مضطرين إلى الاقتراض، ولذلك قلنا إن الاشتراك نفسه ودفع الحصص قد يكون مفروضا - من السلطات الفرنسي. ومن فوائد هذه الجمعيات إنشاء المباني التي تحمي الإنتاج الزراعي الاحتياطي من الحشرات والرطوبة. وقد ذكر ميرانت (المتفائل جدا بأعمال فرنسا في الجزائر) أن النتائج فاقت كل التوقعات، ربما لأن الإدارة هي التي جنت المردودية في النهاية، وذلك على النحو التالي: في سنة ١٨٨٦ كان عدد الجمعيات الاحتياطية أربعا وأربعين فقط، وكان رأس مالها ١,٦٩٨,٣٢٢ ف. أما في سنة ١٩٢٦ فقد بلغ العدد ٢١٩ جمعية، رأس مالها ارتفع إلى ٧٦، ٤٠٠,٣٠٩ ف (١).
وقد نبه الشيخ أحمد توفيق المدني على نواحي أخرى حول الجمعيات الاحتياطية. من ذلك أنها كانت تتبع البلدية أو الدائرة، وأن الوالي هو المسؤول عنها، وهو الذي يعين رئيسها. ويمكن للجمعية أن تطلب تضامن