جمعية أخرى بشرط ألا يتجاوز المال المقترض عشر رأس المال في الجمعية المقرضة. كما أنه يمكن تأمين المزروعات ضد الحرائق والآفات. والمجلس الإداري للجمعية هو الذي كان يحدد مقدار الحصة السنوية للمشترك، من القمح أو الشعير. ويذكر الشيخ المدني أيضا أن الدولة والولاية والبلدية كانت تقدم أيضا إعانات لصندوق الجمعية الاحتياطية. وأما عدد الجمعيات سنة ١٩٣١ فقد كان حوالي ٢٠٠ جمعية، وهذا أقل مما ذكره ميرانت الذي كتب في نفس الفترة. كما أن المدني قد ذكر أن أعضاء الجمعيات بلغوا نصف مليون وأن رأس مالها بلغ حوالي ثمانين مليون فرنك، وهو رقم يزيد عما ذكره ميرانت أيضا، (١). وكل هذه الإجراءات لا تغني بالنسبة للجزائريين، عن دور الأوقاف التي أسسها المجتمع الإسلامي من أجل التكافل والتراحم دون اللجوء إلى الربا أو إلى طلب المساعدة من دولة أجنبية.
إن مسلمي الجزائر قد أخذوا يهتمون بقضية الوقف منذ ظهور الوعي الوطني في هذا القرن. فبعد نسيان يكاد يكون كاملا لدى عامة الناس لهذا الموضوع، إلا عند المسؤولين على المكتب ثم الجمعية الخيرية وأشباههم، رجعت الذاكرة لهم، ودخلت المطالبة بالحقوق في هذا المجال أدبيات الحركة الوطنية. ومن الذين اهتموا بالوقف على الخصوص حركة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي طالما قدمت بشأنه المطالب والمذكرات. وكان هذا الموضوع قد دخل الاهتمامات العامة أيضا منذ ظهرت قضية فصل الدين عن الدولة، والمطالبة بإعادة ما للمسلمين إليهم من شؤون دينية وأوقاف وقضاء وغير ذلك، كما فعلت فرنسا مع الأديان الأخرى.
أما الوقف كبنايات، وعمران، ومؤسسات دينية اجتماعية وتعليمية قد انتهى، فالجريمة ضده قد حصلت وروح القتيل قد أزهقت، وهيهات أن تعود الحياة لمن فقدها! لقد رجعت الحياة إلى جامع كتشاوة وجامع علي بتشين،
(١) أحمد توفيق المدني، (كتاب الجزائر) ص ٢٤٨ - ٢٤٩. ويفهم من الأرقام أن الجمعيات لم تكن (أهلية) بل كانت فرنسية، وأن بعض الأهالي فقط قد انضموا إليها للاستفادة منها تحت الضغط.