للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن من يعيد الحياة إلى جامع السيدة وجامع خضر باشا وجامع الحاج حسين وزاوية القشاش، والعشرات الأخرى؟ ومن يعيد مؤسسة مكة والمدينة وسبل الخيرات وبيت المال وزاوية الأندلس والأشراف؟ ...

إن العالم المتحضر يتحدث عن مؤسسات روكفلر وفورد وبومبيدو للبحث والدراسة والخدمات الاجتماعية وما إليها، ويمكن أن نضيف مؤسسة الصليب الأحمر ومنظمة العفو العام. وقد كان للجزائر مثيلاتها كما تظهر في مؤسسات مكة والمدينة وزاوية القشاش وزاوية الجامع الكبير والأندلس ... حيث كان البحث والعلم والمكتبات ووسائل الاستقبال والإقامة والعلم الإنساني. فأين كل ذلك اليوم؟ إن الناس لا يعرفون من سوءات الاستعمار إلا الاستيلاء على الأراضي، ومطاردة السياسيين واستعباد الشعوب، ولكنهم لا يعرفون أن من جرائم الاستعمار في الجزائر غلق المدارس وحرق الكتب والوثائق، ونفي العلماء وحرمان الطلبة من الدراسة في مساجدهم وزواياهم، وحرمان الفقراء من حقوقهم في الطعام والمبيت في البنايات التي شيدها المحسنون لهم. من أجل ذلك عالجنا موضوع الأوقاف في التاريخ الثقافي لأن العلم والثقافة في المفهوم الإسلامي لا ينفصلان عن المؤسسات الوقفية بكل أنواعها.

وفي ١٩٤٧ نص القانون على فصل شؤون الدين الإسلامي عن الدولة الفرنسية. وعلى تسليم إدارة الأوقاف إلى المسلمين الجزائريين، كما طالبت بذلك جمعية العلماء وغيرها، وخول القانون (المجلسن الجزائري)، وهو الهيئة النيابية المحلية، لوضع الإجراءات العملية التي ينتقل على أساسها الوقف الباقي إلى أيدي المسلمين. ولكن الثورة وقعت سنة ١٩٥٤ والمجلس لم يتخذ أي إجراء (١). وهكذا كان على الجزائريين أن يغيروا أحوالهم عن طريق الثورة وأن يستعيدوا حقوقهم بالقوة كما أخذت منهم بالقوة.


(١) ماسينيون (الحوليات)، باريس ١٩٥٥، ص ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>