للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان عهد دوروفيقو قد عرف، على قصره، بأنه عهد الفظائع البوليسية ضد الجزائريين، ومذبحة قبيلة العوفية عند وادي الحراش، فإنه عرف أيضا بفضيلة لعلها الوحيدة وهي إنشاء جريدة المرشد الجزائري - المونيتور ألجيريان - في يناير ١٨٣٢. وكانت (المونيتور) هي الجريدة الرسمية للجزائر، رغم أن الحكومة الفرنسية لم تعلن عن موقفها الرسمي: هل هي (الجزائر) أمانة في يدها إلى أن تسلمها للخليفة العثماني أو المجموعة الأوروبية؟ أو هي مستعمرة كالمستعمرات؟ أو هي من الممتلكات الفرنسية، أي غنيمة مثل كل الغنائم الحربية؟ وباعتبارها صحيفة رسمية، كانت المونيتور تطبع في المطبعة الأفريقية - الحكومية - وتحتوي على الإعلانات والقرارات، وبعض الأخبار الخاصة بحركة النقل بين الجزائر وفرنسا، وتوارد المستوطنين (الكولون) الفرنسيين على الجزائر.

نشأت المونيتور في عهد المتصرف المدني البارون بيشون. وكان لهذا البارون رؤية خاصة بمستقبل الجزائر تختلف عن رؤية القائد دو روفيقو، فغادر البارون الجزائر وحل محله في الشؤون المدنية جنتي دي بوسيه، وقد بقي هذا إلى ١٨٣٤. ولكنه خلال السنتين اللتين بقيهما ترك بصماته في عدة نواح، ومنها الصحافة. شجع دي بوسيه صحيفة المونيتور، وأنشأ لها قسما باللغة العربية المكتوبة بأسلوب ركيك لا يكاد يقرأ. ومع ذلك فالمونيتور من هذه الناحية تعتبر أول صحيفة نشرت قسما بالعربية في الجزائر قبل ظهور المبشر سنة ١٨٤٧. غير أنه لا يمكن اعتبار المونيتور أول صحيفة بالعربية في الجزائر. ولا ندري من كان يشرف على المونيتور مباشرة قبل مجيء أدريان بيربروجر سنة ١٨٣٥. والذي يهمنا أن ما كان ينشر فيه بالعربية - وهو قليل - كان من إنشاء جوني فرعون المترجم العسكري ذي الأصول السورية - المصرية، وكان جوني هذا هو الذي عهد إليه بتدريس اللغة العربية للفرنسيين في الجزائر قبل لويس برينيه (١). ومهما كان الأمر، فإنه من الأكيد أن الجزائريين قرأوا أخبارا


(١) انظر عن هذه الظروف فصل الاستشراق، سيما حلقات اللغة العربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>