الدكتور وارنييه والكاردينال لا فيجري والأستاذ غوتييه! إن الفرق شاسع بين رسالة الصحافة في الدولة العثمانية والخديوية المصرية وبين رسالة المبشر في الجزائر. ولنستمع إلى البارون ديسلان وهو يصوغ (مقصود المبشر) على لسان سلطان فرنسا - لويس فيليب:
(إعلموا يا مسلمين ... إن المعظم سلطان فرانصة ... اتفق له برأيه وقوع هذا مختصر لفائدتكم وخيركم وتواتر النعمة عليكم ... إنكم بمسكن قلبه كعزيز الرعية عنده. واعلموا أن سلاطين أجناس النصارى مهما أرادوا يعرفون الرعية بالأمور الواقعة، يبعثون لهم رسائل خبرية (جرائد) كما هو معروف عند جميع الدول، كسلطان اسطنبول وصاحب مصر ...) وتذهب المقدمة التي صدرت في العدد الأول إلى أن ملك فرنسا له علاقات وطيدة مع ملوك وسلاطين الإسلام. ولكنه صاحب سطوة وقوة عندهم، ووعدت المبشر بأنها ستنقل إلى الجزائريين أخبار العالم الإسلامي:(سعادة سلطان فرانصة، له معرفة ومحبة بالغة مع سلاطين الإسلام، وهم صاحب اصطنبول، وصاحب العجم (بلاد فارس)، وصاحب الهند، وصاحب مصر، وصاحب الغرب (فاس)، وصاحب تونس ... وبينه وبينهم محبة لأنهم يدركون مكانته وإحسانه وعظيم سطوته وقوته. وستخبركم المبشر بما يجري في هذه البلدان).
وبعد أن تحدثت عن الحجاج وما يجدونه من قناصل فرنسا من رعاية، لعظمة فرنسا بين الدول الأخرى وهم تحت حماية هذه (الدولة العظيمة) أضافت المبشر أنها ستعرف الجزائريين أيضا بعلمائهم القدماء، وبعلماء فرنسا الجدد، وستنوه بالكتب التي ألفها هؤلاء وأولئك:(لنا معرفة بالمؤلفين والعلماء من سالف الزمان، وأكثرهم من عندكم، وعلماؤكم الأوائل ألفوا في علم التاريخ والسيرة والأدب والشعر والفلك والفقه والديانة وسائر العلوم. والجريدة ستذكركم بهذه الكتب التي بعضها مفقود الآن عندكم). وأهم من ذلك كله، وهو المقصود بالذات في ظاهر الأمر، أن المبشر ستعرف الجزائريين بواجباتهم نحو فرنسا، وهي السمع والطاعة والابتعاد عن (سائر