للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوشايات الشيطانية) التي تسميها الجريدة (الشيطنة- دمرها الله! -) والشيطنة عند المبشر والإدارة الفرنسية عندئذ هي الثورات والفتن المضادة للفرنسيين. ولذلك أوصتهم بعدم الاستماع إلى المشاغبين الذين (يسعون في هلاكهم وجر البلاء إليكم بتخليطهم وكذبهم). ولا ننسى أن المبشر قد صدرت أثناء المرحلة الأخيرة من المقاومة الوطنية بقيادة الأمير عبد القادر. والأوصاف والنعوت المذكورة موجهة بالطبع إلى المقاومة والمقاومين.

أما الجوانب الإخبارية فالمبشر لخصتها فيما يلي: إعلام الجزائريين بكل ما هو موجه إليهم من الدولة الفرنسية لكي يعرفوا كيف يسيرون مع الولاة الفرنسيين ويعرف الولاة كيف يتصرفون مع الرعية. وتعريف الجزائريين بالزراعة والإنتاج الحيواني والمعادن والصناعات اليدوية، لأن جميع الصنائع والعلوم لا يدركها الإنسان إلا بمعرفة أنواعها. وكل ما تنتجه الجزائر يباع في الأسواق الفرنسية وما تنتجه فرنسا يباع في الجزائر (بأبخس الأثمان). والهدف من كل ذلك هو أن (نصل الألفة ويجري بدل البيع والشراء (المبادلات) بيننا). وأخيرا فإن المبشر ادعت أنها ستشتمل على فوائد جمة من جميع أنحاء العالم لفائدة الجزائريين (١).

في أول الأمر كانت المبشر تصدر مرتين في الشهر، وكانت بحجم صغير، وكل صفحة فيها بأربعة أعمدة، واعتبرها فيليب دي طرازي ثالث جريدة عربية في العالم، رغم أنها تصدر - كما قلنا باللغتين - وكانت تحرر أولا بالفرنسية ثم تترجم مادتها إلى العربية. وبقيت تصدر مرتين في الشهر إلى سنة ١٨٦١. ومنذئذ بدأت تظهر كل عشرة أيام. ثم منذ ١٨٦٦ أخذت تظهر كل خميس (٢). وكانت المبشر قد توقفت بعض الوقت (سبتمبر ١٨٥٨


(١) دي طرازي، مرجع سابق، ١/ ٥١ - ٥٣.
(٢) استعملت المبشر عبارات (الرسائل الخبرية) و (الورقة الخبرية) قبل أن تستقر على لفظ الجريدة. ولعل سرعة نشرها ترجع إلى زيارة نابليون وإلى سياسته المعروفة (بالمملكة العربية) ففي ١٨٦٠، ثم (١٨٦٥ زار الجزائر وشجع الحكام (بيليسييه) وماكماهون خصوصا) على سلوك سياسة منصفة نحو (الرعايا) الجزائريين.

<<  <  ج: ص:  >  >>