للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منفرا، رغم أنها تدعي أنها مبشر.

يقول دي طرازي إنها مرت في تحريرها بثلاث مراحل: من ١٨٤٧ إلى ١٨٨٤، ومن هذا التاريخ إلى ١٩٠٥، ثم من هذا التاريخ إلى زمن تحرير كتابه هو، وإذا شئت فقل إلى زمن توقفها سنة ١٩٢٧. ولكن دي طرازي لم يوضح بأي شيء تميزت كل مرحلة في نظره. فهل هذه المراحل كانت حسب المادة وتوجيهها أو حسب المحررين وأسلوبهم في الجريدة؟ إننا نعرف أن توجهات الجريدة لم تتغير في الأساس، وإنما الذي تغير من مرحلة إلى أخرى هو أسلوب التحرير ومادة الجريدة. فبعد أن كان يشرف عليها مستشرق مثل ديسلان ويصوغ عباراتها بأسلوب الجرائد الشرقية المتأثرة بالعبارات العثمانية، أصبحت في مراحل أخرى وقد تخلصت نوعا ما من ذلك الأسلوب المصطنع وتطورت مع الصحافة العربية في مصر وسورية وتونس. ولذلك قال دي طرازي إنها كانت ركيكة العبارة في البداية ثم تحسنت حتى صارت صحيحة الإنشاء.

وخلافا لما ذهب إليه دي طرازي فإن أول من تولى الإشراف على المبشر هو ديسلان وليس آرنو. ونحن نعرف أن هناك قرابة بين المارشال بوجو والمستشرق ديسلان (زوجة ديسلان هي ابنة أخت بوجو)، وهذا هو ما جعل ديسلان يتعين في الجزائر، باعتباره المترجم الأول فيها، مع كفاءته وخبرته التي لم ينكرها حتى خصومه. وقد ذكرنا في ترجمتنا لأحمد البدوي أن بوجو قد وضعه تحت تصرف ديسلان لمعرفة البدوي بأسلوب التحرير الجيد، إذ كان كاتبا عند الأمير وخليفته أحمد الطيب بن سالم مدة طويلة (١). وكان البدوي قد ظل يعمل في جريدة المبشر إلى سنة ١٨٨٦ (٢). وقد لاحظ الباحث إبراهيم الونيسي أن اسم ديسلان لم يظهر، مع ذلك، على صفحات


(١) أحمد الطيب بن سالم هو خليفة الأمير علي حمزة (البويرة) الحد كانت قاعدة منطقة زواوة كلها. وقد استسلم أحمد الطيب في ربيع ١٨٤٧ وسافر إلى الحجاز، ثم التحق بالأمير في دمشق.
(٢) ربما يكون ذلك هو تاريخ تقاعد أحمد البدوي أو وفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>