للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبشر إلا مرة واحدة، وهو في عدد ٣٠ أكتوبر ١٨٤٧ حين كتب افتتاحية لمقالة عنوانها (الأملية الثانية في خزانة الكتب السلطانية بباريس) (١). وكان ديسلان قد انتقل إلى باريس سنة ١٨٦٣ ليتولى تدريس اللهجة العامية الجزائرية في مدرسة اللغات الشرقية. وحينئذ فإن إشراف آرنو على المبشر قد يكون بدأ على إثر ذلك.

ومهما كان الأمر، فإنه بالرغم من وجود الإشراف الفرنسي على الجريدة: إدارة وسياسة وتوجيها وماليا، فإن مادتها الخبرية كانت مشتركة بين الجزائريين والفرنسيين، أما الأسلوب في المرحلة الثانية والثالثة فيمكننا أن نقول إنه كان جزائريا محضا فيما يتعلق بالقسم العربي. كانت المادة الخبرية في القسم الفرنسي تترجم في أغلبها إلى القسم العربي بأسلوب جزائري، متأثرا أيضا بضعف اللغة العربية وعزلتها عن الغذاء والتطور الذي عرفته الصحافة في المشرق وفي تونس. ولكن الجزائريين كانوا يوفرون مادة خبرية أخرى، سواء بتوجيه الفرنسيين أو بدون توجيههم، مثل الرجوع إلى كتب الأدب والأخبار وتاريخ العلم والحوادث والنصوص والطرائف القديمة والحديثة. وبالإضافة إلى اسم أحمد البدوي نجد اسم أبي القاسم الحفناوي (الحفناوي بن الشيخ) الذي لازم آرنو أكثر من أربعين سنة. وكان الحفناوي عالما بالمعنى التقليدي للكلمة، وله أسلوب جيد بمستوى ذلك الوقت. وقد نشر في المبشر مقالات بعضها كان مترجما والبعض الآخر من إنشائه (٢).

ورغم كل عيوب المبشر كجريدة سياسية رسمية للدعاية الفرنسية، فإنها كانت (مدرسة صحفية) لجيلين أو ثلاثة من الجزائريين. تعلموا منها فن الصحافة وجمع المادة الخبرية وتحريرها وتوجيهها وصياغتها واختيارها. كما عرفوا مراحل فن الطبع والنشر، وأنواع الترجمة. ومن جهة أخرى فإن المبشر


(١) يقصد (بالأملية) القائمة التي تضمنت أسماء المخطوطات والكتب في خزانة المكتبة الملكية (الوطنية اليوم) في فرنسا. انظر رسالة إبراهيم الونيسي. وكان ديسلان هو الذي وضع كاتلوغ المخطوطات العربية في المكتبة الوطنية الفرنسية.
(٢) ترجمنا له في فصل التاريخ، وانظر عنه أيضا فصل السلك الديني والقضائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>