كانت هي النافذة الوحيدة ولفترة طويلة، للترجمة من الفرنسية إلى العربية، ومعظم ذلك كان على يد فئة قليلة من المتعلمين الجزائريين مزدوجي اللغة. ومنهم، بالإضافة إلى البدوي والحفناوي، وعلي بن عمر، وعلي بن سماية، ومحمود وليد الشيخ علي، وقدور باحوم، وعلي ولد الفكاي، ومحمد بن مصطفى خوجة، ومصطفى بن أحمد الشرشالي، ومحمد بوزار، ومحمود كحول، ومحمد بن بلقاسم (١). وهناك كتاب آخرون ساهموا بتحريراتهم في المبشر ولكنهم لم يتوظفوا فيها كصحفيين محترفين. ومنهم سليمان بن صيام ومحمد السعيد بن علي الشريف، اللذان نشرا فيها رحلتهما إلى فرنسا، وحسن بن بريهمات الذي نشر في المبشر، أو نشرت له عددا من الخطب والمقالات التأبينية، ومقالات أخرى بمناسبة زيارة نابليون الثالث للجزائر. كما نشر فيها أحمد بن الفقون بعض الأعمال الأدبية المترجمة عن الفرنسية، وتأليفه المسمى (التاريخ المتدارك في أخبار جان دارك) كما نشر فيها مصطفى بن السادات ومحمد الزقاي بعض المقالات.
لم تكتف المبشر بنشر المادة الخبرية عن الجهات الرسمية الفرنسية، وأخبار العالم الإسلامي، والمبتكرات العلمية والحضارية، بل كانت تسلسل نشر المؤلفات ذات الطابع المفيد أو تلك التي يتوافق موضوعها مع مشرب الجريدة. ويمكننا أن نتحدث هنا عن (منشورات المبشر) فقد توفر لقرائها ما يعجزون عن قراءته اقتناء بنقودهم. ففي سنة ١٨٦٨ سلسلت المبشر كتاب (أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك) لخير الدين باشا التونسي الذي طبع قبل ذلك بسنة واحدة، ولعل إعجاب خير الدين باشا بالحضارة الأوربية
(١) لم نتصل بإنتاج الفكاي، وبوزار، وابن بلقاسم، وباحوم. وقد أتينا بمعلومات عن ابن عمر، وابن سماية. وأما محمد بن مصطفى خوجة فهو المعروف أيضا بالمضربة أو مصطفى الكمال، وكان محمود بن الشيخ علي هو الناسخ والكاتب وابن المفتي علي بن عبد القادر بن الأمين. وقد اشتهر اسم الشرشالي في الصحافة الأخرى أوائل هذا القرن، كما تردد اسمه في موضوع تدوين الفقه الإسلامي وفي البعثة الفرنسية إلى الشريف حسين زعيم الثورة العربية سنة ١٩١٦.