فإليها يرجع الفضل في لفت الأنظار إلى آراء المجاوي وإلى الموقف من قضية الحضارة.
ونفهم من (سيرقال) أن مشروع الجريدة العربية المستقلة إعلاميا قد نجح، ولكن على يد شخص آخر قال عنه إنه كان ضابطا في فرقة الزواف وملحقا بالحكومة العامة، فقد أنشأ هذا الضابط المجهول جريدة (من وحي الحكومة؟) حوالي ١٨٨٠ وسماها (أستر الشرق L'Astre d'orient) وكان هدفها، كما قيل، هو فتح منبر لجميع عرب البحر الأبيض حاملا إليهم أخبار فرنسا ثم الأخبار العامة من طنجة إلى أصبهان. وعلينا أن نتذكر أن فاتح سنة ١٨٨٠ عرف اهتمام إيطاليا بتونس وشرق الجزائر واهتمام بريطانيا بمصر، وأن فرنسا كانت منافسة لكلتيهما، ثم أن احتلال تونس حدث سنة ١٨٨١ واحتلال مصر سنة ١٨٨٢، وإن ثورة المهدي في السودان وثورة عرابي باشا قد وقعتا أثناء ذلك. فاهتمام السلطات الفرنسية بمنطقة البحر الأبيض وبالحياة العربية كان من أجل تجميل وتأطير الصورة الفرنسية في الجزائر والشرق.
وبناء على سيرقال فإن (أستر الشرق) كانت أسبوعية تصدر كل خميس، وأنها كانت تلجأ إلى التمويه لتستر عربيتها حتى أنها كانت تطوى بطريقة تظهر فيها كأنها صحيفة فرنسية. وعلينا أن نفهم من ذلك أن اللغة العربية كانت محاربة حتى في حروفها. ومهما كان الأمر فقد اعتبرها سيرقال (محاولة مخلصة) لتوضيح رسالة فرنسا للعرب. ويبدو أنها صحيفة قد استغرقت فترة لا بأس بها إذ أنها أفلست سنة ١٨٨٣ (١). ولا ندري ما العلاقة بين هذه الصحيفة والصحيفة التي لم نعرف اسمها ثم صحيفة (المنتخب) التي سنتحدث عنها. ولعل القدر المشترك بين هذه المحاولات جميعا هو أنها
(١) سيرقال، مرجع سابق، ص ١٠٩. جاء هذا المصدر بإحصاء الصحف الفرنسية التي ظهرت بين ١٨٧٠ - ١٨٩٦، وهو إحصاء يبين نشاط وظهور الصحف في عهد الجمهورية الثالثة ١٨٧١: ٣٠ صحيفة، ٣ ١٨٨: ٣٨، ١٨٨٦: ٥٠، ١٨٩٠: ٩٢، ١٨٩٦: ١٣٤.