صدرت في الجهة الشرقية من البلاد وأنها محاولات لنشر الفكر الاستعماري بطريقة غير رسمية، وأما الطريقة الرسمية فهي التي حذقتها وتفننت فيها (المبشر) كما عرفنا.
أما جريدة (المنتخب) فأمرها مختلف. فهي جريدة معروفة الاسم والتاريخ والمدة، وكان لها مدير ورسالة، وكان مديرها فرنسيا هو بول ايتيان. وقد ظهرت في قسنطينة بتاريخ ٢٨ إبريل ١٨٨٢، وانتهت بعدد ٤٠ يوم ١٢ يناير ١٨٨٣ (١). وكانت رسالتها الظاهرة هي الدفاع عن مصالح الأهالي، وخصوصا الفلاحين، ولكنها كانت تدعو إلى الاندماج في البوتقة الفرنسية. ولذلك أولت اهتماما خاصا بتدوين الفقه الإسلامي لكي يسمح بنيل الحقوق والواجبات السياسية، بما في ذلك المساواة في الضرائب والخدمة العسكرية، والتجاوز عن الشروط - العقبة التي وضعها قانون التجنس سنة ١٨٦٥، وهي ضرورة التخلي عن الأحوال الشخصية الإسلامية قبل الدخول تحت طائلة القانون الفرنسي. ولذلك وصفت جريدة (المنتخب) الشريعة الإسلامية بأنها شهادة عدم المساواة المدنية للجزائريين، وعليهم أن يتخلصوا من ذلك لا عن طريق التجنس الصريح ولكن عن طريق تدوين الشريعة (والفقه) بما يسمح لهم باكتساب الحقوق المدنية الفرنسية. واعتنت المنتخب أيضا بالقضايا الاقتصادية والجبائية للجزائريين، وبسياسة روسيا والنمسا الثقافية نحو الأقليات، معتبرة ذلك نموذجا صالحا للجزائر أيضا.
وفي افتتاحية عددها الأول جاء أنها جريدة أنشأتها (جماعة من مسلمي قسنطينة ومن أعيانها) وأنها لخدمة فرنسا وخدمة الفلاحين. وذهبت إلى أن العرب هم الذين أنشأوها وأنهم موالون لفرنسا ومؤمنون بعظمتها، وقالت إنهم معتدلون في آرائهم ويعتقدون في التقارب بينهم وبين الفرنسيين والتفاهم
(١) ذكر نفس المصدر (كريستلو) - المحاكم ... ، ص ٢٣٨، أنها صدرت بتاريخ ٢٣ أبريل وانتهت فى بداية ١٨٨٣.