للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهد علي باشا سنة ١٢٢٣ (١).

٢ - وللوقف نظام داخلي دقيق. فالوكيل (أو الناظر) هو المشرف الرئيسي عليه، وهو الذي يسهر على تطبيق ما جاء في الوقفية من شروط، وهو المسؤول على تنمية الوقف واستعماله في الأوجه المعينة له. والباشا (أو الباي في الأقاليم) هو الذي كان يعين الوكيل بناء على مواصفات معينة كالأخلاق الفاضلة والنزاهة والعلم والسمعة الطيبة بين الناس. ومن الممكن تغيير الوكيل عندما تشتهر عنه أمور مخلة بنظام الوقف أو بالأخلاق العامة. وإذا كان الوقف في عائلة ولي صالح فمن الممكن أن تظل الوكالة وراثية في أبنائه، غير أن هذا ليس مطلقا. فقد يتدخل الباشا أو الباي لتعيين وكيل آخر ليس من أبناء الولي إذا دعت الضرورة. ولا يخضع الوكيل إلا لمراقبة ضميره والرأي العام وموقف العلماء، فإذا أشيع عنه الفساد والانحراف واستعمال الوقف في غير وجهه تدخل الباشا أو الباي لتنحيته (٢).

ومن الأمثلة على تدخل السلطة في هذا الموضوع ما فعله صالح باي في قسنطينة. فقد وصلته الأخبار بأن التقصير قد وقع في أوقاف المساجد وعاث فيها الوكلاء فسادا ونهبا وإهمالا فعطلت عن وظائفها وأصبحت مرابط للدواب. فأمر الباي أن تضبط الأمور في الحال. وقد وضع لذلك سجلات يشرف عليها القضاة والمفتون، وأمرهم أن يبحثوا، بالإضافة إلى ذلك، عن الأوقاف سواء التي انقرضت أو التي ما زالت ولكن في حالة سيئة، كما قرر محاسبة الوكلاء في كل ستة أشهر، وعهد إلى (المجلس العلمي)، المكون من العلماء وصاحب بيت المال، بالنظر في شؤون الأوقاف وفائضها في كل سنة، على أن يستعمل الفائض في شراء عقار آخر يصبح بدوره وقفا، وهكذ (٣). وقد اتبع الباي محمد الكبير في معسكر طريقة مشابهة. فقد جاء


(١) الزهار (مذكرات)، ١٠٣.
(٢) ديفوكس (المجلة الإفريقية)، ١٨٦٢، ٣٧٠.
(٣) شارل فيرو (المجلة الإفريقية)، ١٨٦٨، ١٢٤. وتوجد الوثيقة التي أصدرها صالح باي مترجمة في هذا المصدر. انظر كذلك فايسات (روكاي)، ١٨٦٨، ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>