للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجانية طالما دعا إليها لويس رين وأضرابه من خبراء التصوف والدين في الجزائر لكبح جماح التعلق بالمشرق والحركات الإسلامية هناك، ولكبح جماح التعلق بالتيار الإصلاحي والسلفية في وقت ابن قدور ومحمد العيد؟ إن هذا مجرد تساؤل وليس لنا منه إلا الاستنتاج من التشابكات التاريخية والسياسية والدينية للوجود الاستعماري في الجزائر. ومهما كان الأمر فإن أحمد الأكحل يذهب إلى أن عمر بن قدور قد استقال من مدرسة الشبيبة الإسلامية (وأسس مدرسة قرآنية ذات نظام عصري)، وأن مدير المدرسة هو السيد مصطفى حافظ (١). والغريب أن أحمد توفيق المدني الذي كتب (كتاب الجزائر) في هذه السنوات (١٩٢٩ - ١٩٣٠) لم يتحدث عن حياة عمر بن قدور بعد الحرب سوى بعبارة موجزة عن إعادته الفاروق الجديدة وعمله في جريدة الصديق وإبعاده إلى الأغواط خلال الحرب (٢).

يكفي عمر بن قدور أنه عرف بالقضية الجزائرية في الصحافة العربية والإسلامية، وأنه وقف ضد الاضطهاد الاستعماري أثناء فورانه، وكتب عن قضايا المغرب العربي والعالم الإسلامي برؤية نهضة شاملة، ودعا إلى الوحدة الإسلامية، والفكرة القومية، والتضامن الوطني في وقت مبكر كان فيه جيله ما يزال جاهلا بها أو داعيا إلى الاندماج مع المحتل. ثم أسس ابن قدور جريدة كانت رائدة في بابها. وقد استحق على أفكاره الوطنية ومواقفه المتحدية الاعتقال والإبعاد وإيقاف جريدته. وظلت روحه الصحفية مشتعلة حتى بعد رجوعه من المنفى، ولعله عاش حالة نفسية مثبطة أقوى مما كان يحتمل أو وجد عراقيل لم يستطع تجاوزها.

٢ - عمر راسم: حياة عمر راسم انفرد بها (تقويم الأخلاق) لمحمد العابد الجلالي، الذي ظهر سنة ٧ ١٩٢. ويبدو أن الجلالي كان يعرف عمر راسم شخصيا، ولذلك كتب عنه عن كثب ومعرفة دقيقة، سيما عن صحافته،


(١) الشهاب الأسبوعية، عدد ٢٩ نوفمبر ١٩٢٨، ص ١١ - ١٢. التوقيع هو (أ. الأكحل). وقد قرأناه أحمد الأكحل.
(٢) أحمد توفيق المدني (كتاب الجزائر)، مرجع سابق، ص ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>