للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحفظ القرآن الكريم، فحفظه وهو ابن سبع سنوات على ما قيل، ويبدو أن والده كان مسموع الكلمة إذ استطاع أن يجد لابنه وظيفة (حزاب)، وهو ابن اثني عشر سنة، وهي وظيفة لم يبق منها الكثير في نهاية القرن الماضي بعد أن انحصرت الوظائف الدينية في عدد من العائلات وهدمت أغلب المساجد أو عطلت. كان راسم إذن حزابا في جامع سفير، وفي هذا الجامع تلقى أيضا، درسا في النحو على الشيخ محمد بن مصطفى خوجة الذي امتدحه عمر راسم واعتبره شاعر العصر والخبير بأحوال المشرق (١). وقد دخل عمر راسم مدرسة الجزائر الشرعية الفرنسية (الثعالبية فيما بعد)، ولكنه لم يقض فيها سوى سنة واحدة. نم أخرج منها في ظروف غامضة.

ذلك كل ما تلقاه عمر راسم من ثقافة رسمية: القرآن الكريم، ودرس في النحو، وسنة في مدرسة وتعلم مبادئ العلوم العربية والإسلامية وبعض اللغة الفرنسية. ولكنه كان طموحا موهوبا فعزم على تثقيف نفسه، سيما وقد ذاق حلاوة العلوم والآداب والتاريخ والأخبار، وعاصر بداية الصحافة وانتشار مدرسة التجديد الإسلامي وحركة الجامعة الإسلامية. وكان قد تجاوز العشرين عندما زار الشيخ محمد عبده الجزائر سنة ١٩٠٣. كما عاش الأحداث التي جرت بين اليهود والفرنسيين أواخر القرن عندما كان ماكس ريجس شيخا لبلدية العاصمة. ولعل ذلك هو ما لفت نظره إلى وضع اليهود في الجزائر الذين جنسهم الوزير اليهودي كريميو سنة ١٨٧٠. وقد كتب عمر راسم مبكرا عن الخطر الصهيوني في العالم العربي، وكان مطلعا على ما تنشره الصحف الفرنسية حول الموضوع. وكان من الطبيعي أن يعارض عمر راسم فرض التجنيد الإجباري على الجزائريين، وأن يقف في ذلك، مثل زميله عمر بن قدور، ضد الفئة الإندماجية التي قبلت بالتجنيد بشرط كسب الحقوق السياسية غير ناظرين إلى مسألة الدين والرابطة الإسلامية والعلاقة مع الخلافة.

وكان اهتمامه بالحياة السياسية والثقافية هو الذي دفعه إلى أن يجرب


(١) انظر الترجمة محمد بن مصطفى خوجة المعروف بالكمال في فصل السلك الديني والقضائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>