أو تدجينه، كما دجنت عمر بن قدور بعد ذلك. وبدأ راسم العمل في المبشر، ثم لم يتم أن اتهم بالتورط في التعامل مع العدو، وقبض عليه وزج به في السجن يوم ١٣ غشت ١٩١٥، في نفس الفترة التي اعتقل فيها زميله ابن قدور. وكانت الدولة العثمانية عندئذ قد دخلت الحرب ضد فرنسا. ثم حكم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، نوفمبر ١٩١٥ ولم يفرج عنه إلا سنة ١٩٢١، بعد مراجعة القضية وتدخل بعض الفرنسيين والجزائريين لصالحه.
نحن لا نستغرب أن يحدث ذلك لرجل مثل عمر راسم (وعمر بن قدور)، لأن الحرب فرضت على الجميع الصمت أو العمل (المخلص) مع فرنسا، أو السجن. لم نسمع باعتقال رجال الدين والزوايا الساكتين أو المؤيدين، ولا بصوالح وتامزالي وابن التهامي الاندماجيين، ولكننا سمعنا بسجن ونفي العمرين (راسم وابن قدور). وهذا شرف لهما في ذلك الوقت لأنهما فيما يبدو ناصرا القضية الإسلامية على القضية الفرنسية. ومن سوء حظ عمر راسم أن بريده إلى جريدة. (الشعب) المصرية قد سقط في أيدي المخابرات الإنكليزية. وكان البريد عبارة عن رسالة بتوقيعات عديدة من الجزائريين لنشرها، وهي رسالة تدعو المسلمين إلى الاقتداء بالسلطان العثماني، خليفة المسلمين والتوقف عن مساعدة أعداء المسلمين. وبعد تبادل الوثائق بين الحليفتين (بريطانيا وفرنسا) وجهت هذه (فرنسا) التهمة لعمر راسم على أنه محرر تلك الرسالة. وقد حدث ذلك في الوقت الذي كانت فيه (وصايا) علماء الجزائر ورجال الدين والطرق الصوفية تنعي على تركيا دخول الحرب، وتناصر فرنسا ضدها، وتدعو مسلمي الجزائر إلى الوقوف في صف (أم الوطن) الحنينة على الجزائريين وفاعلة الخير معهم - فرنسا (١).
(١) انظر عن ذلك فصل الطرق الصوفية. ويقول الشيخ المدني (كتاب الجزائر) ص ٣٤٥، إن عمر راسم قد حوكم عسكريا، بتهمة التفاهم مع العدو. وحكم عليه بالأشغال الشاقة، ثم صدر العفو عنه بعد الحرب.