للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن (الجزائر) لم تنس إلا ثلاثة أو أربعة أعداد، ويرجع اختفاؤها إلى أسباب مالية حسب الجلالي والمدني.

ولماذا ذهب عمر راسم إلى مصر سنة ١٩١٢؟ إن هذا التاريخ ملفت للنظر، ذلك أن قانون فرض التجنيد الإجباري قد صدر فيه، وكانت السلطات قد منعت الهجرة إلى المشرق بالقوة على الجزائريين الساخطين، وكان لوسياني، مدير الشؤون الأهلية، قد ذهب أيضا إلى مصر وسورية وتونس، ربما في تاريخ قبل هذا، كما كان يرسل هنا وهناك من يكتب له التقارير عن أوضاع معينة كالمدارس والمحاكم والمرأة. ومهما كان الأمر، فإن (التأويلات) قد أعقبت مهمة عمر راسم في مصر. ولا أحد يستطيع أن يمنع الخيال من أن يحلق. فالبعض قال إن رحلته كانت لغرض سياسي حكومي، وقال آخرون إنها كانت لطلب العلم والاطلاع (١). ويرى محمد العابد الجلالي أن عمر راسم قد ذهب إلى مصر للتعرف على أحوال المسلمين لأنه بطبعه كان يهتم بذلك. ولكن من أدراه؟ على أننا لا نعرف كم دامت هذه الزيارة لمصر، وهل تواصلت إلى غيرها أيضا. ولا نعرف أن عمر راسم كتب شيئا عن رحلته المشرقية.

كما يذهب الجلالي إلى أن عمر راسم قد تعاون مع عمر بن قدور على إصدار (الفاروق) سنة ١٩١٣. ثم قرر أن يصدر جريدة خاصة به سماها (ذو الفقار) أوائل ١٩١٤. ولو سافرت جهودهما لكان أفضل للبلاد. ولم يصدر من (ذو الفقار) سوى أربعة أعداد، وقد أجاب أصدقاءه الذين نصحوه بالتخفيف من حدة لهجته بأنه اتقى الشر بجعل الجريدة تحت اسم عالمين أحدهما فرنسي وهو هنري الروشفور، والثاني مسلم وهو الشيخ محمد عبده. وكان عمر راسم حسن الخط ونساخا، فاستدعته جريدة (المبشر) للعمل فيها والاستفادة من خطه، وربما كان للسلطات خطة في القضاء عليه


(١) في هذه الأثناء (١٩١٢) كان الشيخ أبو يعلي الزواوي يعمل في القنصلية الفرنسية بدمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>