للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفقراء مدينة بعينها كفقراء مكة والمدينة أو العناية بمذهب كالوقف على نشر وتدريس المذهب الحنفي. ومن جهة أخرى قد ينص الواقف على قراءة حزب معين من القرآن أو سور منه كسورة الإخلاص، أو كتاب أو ذكر معين مثل (تنبيه الأنام) مع تحديد النقود لكل نوع. وكان بعضهم يوقف للقراءة على نفسه أو على زوجه أو ولده. وهناك من كان يوقف على شراء الزيت للإنارة العامة، أو للإنارة خلال شهر معين مثل شهر رمضان (١). وكانت بعض الأوقاف لصالح الإنكشارية وأخرى كانت لصالح الطرقات العامة والعيون والمياه الصالحة للشرب (٢).

ويظهر من ذلك أهمية الوقف في الحياة الدينية والعلمية والاجتماعية (٣). فهو مصدر العيش للزوايا والأضرحة وغيرها من المؤسسات الدينية. كما أنه مصدر الحياة والنمو للمساجد والمدارس والكتاتيب ومعيشة العلماء والطلبة. ومن جهة أخرى لعب الوقف دورا بارزا في الحياة الاجتماعية بتضامن المجتمع وترابطه وتوزيع ثرواته على فقرائه والعجزة منه، كما أظهر تضامن فئات معينة كالأشراف وأهل الأندلس. وكان الوقف، بالإضافة إلى ذلك، يلعب دورا في التأثير الديني والسياسي خارج الحدود كإرسال النقود سنويا إلى فقراء مكة والمدينة مع ركب الحج (٤).

ولكن ليس كل وقف يجر أموالا طائلة على الوكيل أو الناظر. فهناك


(١) ديفوكس (المجلة الإفريقية) ١٨٦٦، ٣٨٠.
(٢) (طابلو) وزارة الحربية الفرنسية ٢/ ١٨٣٨، ٢٢١.
(٣) عن الأوقاف كمصدر اقتصادي في الدولة خلال العهد العثماني انظر أطروحة ناصر الدين سعيدوني (النظام المالي للأيالة الجزائرية) كلية الآداب، جامعة الجزائر، ١٩٧٤، مخطوط، وهي الآن مطبوعة.
(٤) كان أمين بيت المال هو الذي يعين على (الصرة) التي تحتوي على الذهب المرسل - كصدفة - إلى فقراء الحرمين. وقيمة هذه الصرة تختلف من سنة إلى أخرى. انظر الزهار (مذكرات)، ١٤٤ وكذلك (طابلو) وزارة الحربية الفرنسية ٢/ ١٨٣٨، ٢٢١. وليس كل دخل مؤسسات مكة والمدينة في الجزائر يرسل كصدقة، بل ان أكثره يصرف في عين المكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>