للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوقاف لا تكاد تفي بالحاجة الموقوفة لها. وكان الوقف كالشجرة يحتاج إلى التعهد المستمر لكي يزداد دخله، فإذا توقف الوكيل عند استغلاله فقط توقف الوقف تدريجيا عن الإيفاء بالحاجة. لذلك كانت بعض المؤسسات الدينية والعلمية تعاني نتيجة ضآلة دخلها وإهمال الوكلاء، بل إن بعض المؤسسات تلفت من عدم العناية بأوقافها أو من عدم حصولها على أوقاف جديدة. ولكن بعض المؤسسات كانت تتمتع بأوقاف ضخمة مما جعلها مصدر ثروة لمن يتولاها، لذلك كان يكثر في هذه الحالة التنافس على تولي وكالة هذه المؤسسات، مثل الجامع الكبير بالعاصمة الذي كانت أوقافه ضخمة ومداخيله عالية.

٣ - والواقفون في الجزائر لا حصر لهم بجنس أو طبقة أو مذهب.

ولذلك وجدنا فيهم الرجال والمرأة، والعثمانيين والحضر، والأحناف والمالكية. ولعل الفرق بين واقف وآخر هو النية الحسنة والثروة. قالفقراء قلما يوقفون لأنهم أنفسهم كانوا في حاجة إلى مداخيل الوقف. وهكذا كاد الوقف ينحصر في طبقة الأغنياء ومتوسطي الحال. ومن هؤلاء الباشوات والبايات الذين كانوا يجلسون على كرسي الحكم والنفوذ، ومنهم الكراغلة الذين كانوا يتولون الشؤون الإدارية والاقتصادية وغيرها في إطار الدولة، ومنهم الحضر الذين كانوا يمارسون التجارة والصناعة. وكان من بين الواقفين أيضا المدنيون والعسكريون. والوازع وراء الوقف عند هؤلاء جميعا هو وازع الخير والحماس للدين والعلم وإصلاح المجتمع، وأحيانا كان الوازع هو السمعة والرغبة في الخلود والذكر الحسن في الحياة أو بعد الممات. وقد كان الوازع أحيانا ماديا أو دنيويا كإبعاد الثروة عن بعض الورثة أو الاحتفاظ بها تحت اسم الوقف حتى لا تؤول إلى الدولة التي كانت تستولي على الأملاك التي لا ورثة لها وتضعها تحت إشراف بيت المال (١).


(١) عن الأوقاف عامة بمدينة الجزائر انظر أيضا أطروحة جيرارد بوسون دي جانسون (مساهمة في دراسة الأوقاف بمدينة الجزائر) سنة ١٩٥٠. وعن مهمة (بيت المال) انظر (طابلو) وزارة الحربية الفرنسية ٢/ ١٨٣٨، ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>