الأفلام كانت من إنتاج فرنسي - غربي وليس فيها إنتاج جزائري تقريبا. ولاحظ أحد الكتاب أن هناك خطة مرسومة لمنع الأهالي من دخول هذا الميدان حتى لا يشوهوا الصورة التي أراد الفرنسيون تقديمها عن أنفسهم كسمتعمرين. وقد قيل إن أول فيلم كبير صور في الجزائر هو الذي أخرجه جاك فيدير FEYDER سنة ١٩٢١.
وكان هذا المخرج قد جاء إلى الجزائر ومعه خمسة وعشرون فنانا، وجلب حوالي ستين من التوارق ومعهم المهاري، بالإضافة إلى عدد آخر جنده فيما بعد. واستغرق تصوير الفيلم (اطلنطيد) ثمانية أشهر، وصرف عليه مليوني فرنك بنقود ذلك الوقت. وأقام فيدير شهرين في تقرت والأوراس وجيجل لتصوير المناظر. وقيل إن الفيلم قد نجح نجاحا منقطع النظير حتى أن عرضه في باريس استمر سنة كاملة. ثم أخذ الفيلم يجول العالم، وقد عرض في أمريكا بعنوان (الأزواج الغائبون)(١). والظاهر أن الهدف من الانتاج السينمائي الفرنسي في الجزائر كان هو التركيز على الإثارة والغرابة لجلب المال والمتاجرة. وكان احتكار الإنتاج قد قطع الطريق عن الجزائريين الذين لهم ميول معادية للاستعمار.
وقد درس عبد الغني مغربي تاريخ السنما الفرنسية في الجزائر وخرج بنتائج مهمة. فلاحظ أولا أن الجماهير لم تكن قد تأثرت بالسينما، لأن معظم الدور المخصصة لها كانت في المدن الساحلية حيث الجالية الفرنسية. ولاحظ ثانيا أنه منذ ١٨٩٥ أرسل لوميير مصوريه إلى الجزائر لالتقاط المناظر وتصوير أفلام قصيرة بلغت العشرة، ومنها أفلام: المؤذن، والحمار، والسوق العربية، وساحة الحكومة، وشارع باب عزون. وبعد سنة واحدة افتتح لوميير انتاجه وعروضه في الجزائر. وقد اهتم بعض الجزائريين بهذا الفن ولكن عددهم كان قليله. ومنهم الطاهر حناش الذي عمل في التصوير
(١) مارتن استيه لطفي M. A. Lautfi (شمال أفريقية في السينما الفرنسية ١٨٩٥ - ١٩٢١) في (وقائع الاجتماع الرابع للجمعية الفرنسية للتاريخ الاستعماري) أبريل ١٩٧٨، ص ١٣٢ - ١٣٧.