للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعمارية من جهة والتعريف بالفنون الشعبية من جهة أخرى، ذلك أن الفرنسيين لم يكونوا يمانعون في الإبقاء على التراث المحلي بشرط أن لا يتطور إلى وسيلة وطنية وأن لا يخضع لتأثيرات غير فرنسية.

وفي سنة ١٩٥٢ انضم عبد الكريم دالي المولود في تلمسان سنة ١٩١٤، إلى جوق الإذاعة الذي كان يشرف عليه محمد فخارجي. وكان دالي ماهرا في الموسيقى الغرناطية والحوزي. وكان معاصرا للعربي بن صاري في تلمسان ومن المعجبين به، غير أن المشاركة في مؤتمر القاهرة سنة ١٩٣٢ سببت القطيعة بينهما حين اختار ابن صاري ابنه للمشاركة فيه وأهمل دالي (١).

...

ظهرت السينما في آخر القرن الماضي، ووصل نشاط المخرجين الفرنسيين إلى الجزائر. وأخذوا يصورون فيها الأفلام القصيرة والوثائقية ونحوها. وقد اهتموا بالمناظر الطبيعية المثيرة وألعاب الفروسية وحفلات الزواج التقليدية في المدن والأرياف، سيما في بو سعادة وبسكرة. وكانت بعض المناظر تربط بين حياة الجزائريين وحياة الشرق مثل فيلم (علي بابا). كما أن إخراج الأفلام لم يقتصر على الجزائر بل شمل المغرب العربي. ومن يرجع إلى كتاب (الحريم الكولونيالي) لعلولة يدرك اهتمامات المصورين الفرنسيين في بداية هذا القرن (٢). وبين نهاية الحرب العالمية الأولى وسنة الاستقلال (١٩٦٢) أنتج الفرنسيون أكثر من ٢٠٠ فيلم عن الجزائر والمغرب العربي عموما، بما في ذلك الأفلام القصيرة. وهي تمثل ثروة فنية وشعبية عن السكان والأرض وتاريخ الاحتلال وأسلوب المعاملة والتفرقة العنصرية والعبث بالإنسان (الأهلي) وإظهار التفوق الحضاري الفرنسي. وكل هذه


(١) عن هذه الظروف انظر فقرة الموسيقى.
(٢) علولة (الحريم الكولونيالي)، ١٩٧. يحتوي على صور تاريخية بريدية كان الإعلام الفرنسي يوزعها على العالم، ومنها مناظر مؤذية عن المرأة في شتى الأشكال.

<<  <  ج: ص:  >  >>