لا شك أن هناك جمعيات ونوادي أخرى قامت بدور التمثيل المسرحي والموسيقى والغناء، كما حدث في تلمسان. وكان بعض هذه الجمعيات قد أسس لدفع حركة التعريب، وبعضها قد أسس لتشجيع التمثيل بالدارجة والوصول إلى الجمهور للرقي به فنيا وذوقيا. وهناك من أسس الجمعيات لأغراض اجتماعية في إطار ما تسمح به القوانين الفرنسية ومماشاة للتيار التجديدي أو العصري، بينما تأسست جمعيات ونواد تابعة لجمعية العلماء لخدمة الاتجاه الإصلاحي على العموم. وقد تنافست في ذلك الأحزاب أيضا بعد أن سمحت لها الإدارة بالنشاط، ولا سيما بعد ١٩٤٦.
ونلاحظ أن بعض الجمعيات والنوادي كانت تحمل أسماء اجتماعية وأخرى أسماء فنية. ولكنها جميعا تقريبا، أسماء مستمدة من التراث العربي الإسلامي. ومن هذه الأسماء نجد كلمات: الإسلامي، والديني، والفلاح (بتخفيف اللام)، والسعادة، والرجاء، والاتحاد، والإرشاد والإصلاح والحياة والشباب والأخوة والاستقامة والنهضة والفتح ... أما الجمعيات والنوادي الفنية فتحمل أسماء مثل المزهر، والعندليب، والأوتار، والفن والأدب، والمطربية، الخ (١).
ويجب ألا يفهم من تركيزنا على بعض المدن أن المدن الأخرى صغيرة أو كبيرة، لم تشهد ميلاد النوادي والجمعيات، ولم تعرف النشاط الفني والكشفي والموسيقي. إن الظاهرة كانت عامة، وكان هناك تنافس كبير. ولكن الإمكانات لم تكن متوفرة للجميع بدرجة واحدة. وقد تعرضنا في كتابنا (دراسات في الأدب الجزائري) إلى بعض التفاصيل.
رأينا أن المنشآت الثقافية في الجزائر كانت متباعدة ولا يمكنها أن تخدم أهدافا واحدة. فالفرنسيون أسسوا المكتبات والمتاحف والجمعيات العلمية والمسارح والسينما والصحافة والإذاعة لأنفسهم. كما أنشأوا
(١) عمار هلال (النوادي الثقافية ...) في (مجلة الدراسات التاريخية) عدد ٧ سنة ١٩٩٣، ص ١٢٤ - ١٤٠. وكذلك دبوز (نهضة)، ص ٢٢٩ - ٢٦٠.