للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الدومين). وكانت المكتبات الملحقة بهذه المنشآت الدينية من ضحايا هذه المصادرة، فاختفت الكتب، رغم أنها كانت أحباسا، وتبادلتها الأيدي دون حساب أو عقاب. أين هي مكتبة الجامع الكبير بالعاصمة التي تحدث عنها الرحالة والباحثون المسلمون؟ وأين مكتبات مساجد تلمسان وقسنطينة ومعسكر والبليدة والمدية وبجاية وعنابة ومازونة الخ؟ وأين الكتب التي حبسها صالح باي على مدرسته في قسنطينة، ومحمد الكبير على مدرسته في معسكر؟ لقد ضاعت وتبعثرت، ولم تعد تذكر في حوليات التاريخ. فعندما أراد ابن أبي شنب أوائل هذا القرن أن يصف ما بقي في الجامع الكبير بالعاصمة لم يذكر منها سوى بضع عشرات (١).

وماذا نقول عن أثر الحروب على المكتبات؟ كل مقاومة أو ثورة تؤدي إلى دفن العشرات من المخطوطات الثمينة. وهذه الحروب قد قضت على المكتبات الشخصية والعمومية معا. معظم الزعماء الذين شاركوا في المقاومة كانوا من عائلات متعلمة تعتز بماضيها وتراثها. ولكن الابتعاد عن مركز العائلة أو القبيلة، والنفي والاحتشاد بالنسبة لمن أجبروا على الخضوع، قد أدى إلى تلف المكتبات. وعندما أصبح الأمير عبد القادر لاجئا وفقد عواصمه استعمل المدينة الخيمة (الزمالة) وحمل هو وعلماؤه وقواده مكتباتهم معهم. ومنها مكتبة زاوية القيطنة الشهيرة. وكان من بين الذين معه شيوخ علم لا تفارقهم الكتب أمثال محمد الخروبي، ومحمد بن علال، ومحمد البركاني، وابن فريحة، ومصطفى بن التهامي. ولكن حين استولى الفرنسيون على الزمالة في جهة طاقين انتقلت إليهم أيضا تلك المكتبات، ولا ندري إلى الآن مصيرها (٢).


(١) المخطوطات الباقية في مكتبة الجامع الكبير، ط. الجزائر.
(٢) في مكتبة شانتييه بفرنسا بعض بقايا مكتبة الأمير عبد القادر، أهداها الدوق دومال D'Aumale إلى بلدية هذه المدينة. وكان دومال هو قائد الجيش الذي استولى على الزمالة. ولكن ما (أهداه) دومال ليس سوى جزء ضئيل من مكتبة الأمير. وابن باقي المكتبات؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>