الزمن باعتبار صاحبها من الشخصيات العلمية في المدية وربما توارثها عن أجداده. وكان الأخوان ابن عيسى (العربي وعلي) من ضحايا الاحتلال. وقد قال قايد فرقة الزواف لبيربروجر المرافق المدني للحملة والذي كان يقوم بدور المتجسس على الأوضاع الداخلية وهدم نفسه على أنه من العلماء وليس من المحاربين، قال له: إن إحدى الدور (دار العربي بن عيسى) كانت تحتوي على كمية من المخطوطات الجميلة. فذهب بيربروجر إليها بينما كانت الراية الخضراء مرفوعة على صومعة الجامع الكبير علامة على الاستسلام، فتأكد أنها دار الأخوين ابن عيسى، ولاحظ أن الكتب المخطوطة كانت مرمية وسط الدار في فوضى، وحتى لا يلصق التهمة مباشرة بالجنود الفرنسيين قال بيربروجر إن المدافعين الجزائريين عن الدار حطموا الصناديق التي كانت بها الكتب لعلهم يجدون فيها أشياء أثمن منها، ولكنه اعترف أن الجنود الفرنسيين قد أكملوا تحطيم الصناديق لنفس الغرض. وكان عليه أن يبحث عن الكتب ويجمعها وهي وسط مواد مضرة بها كالزيت والدقيق والزرابي ...
وبعد أن جمع ما استطاع وما شاء من المخطوطات وضعها في غرفة صغيرة في نفس الدار وعين عليها جنديا لحراستها. واعترف أن ما جمعه أو اغتصبه من دار ابن عيسى قد بلغ حوالي مائة مخطوط، قال إنه ذو قيمة كبيرة إما لموضوعه وإما لجماله الخارجي كالتذهيب والتجليد وإما لحسن خطه. وذكر من ذلك كتاب دلائل الخيرات ونسخة من المصحف الشريف كانتا على غاية من الجمال. وكانت بعض المخطوطات في الفقه، وبعضها دفاتر أو أزمة (سجلات) يعود بعضها إلى عهد صالح باي (الذي قال عنه خطأ إنه عاش إلى نهاية القرن العاشر). ومن المخطوطات عدد في الأدب والدين، ومجموعة من الرسائل الصادرة عن الحاج أحمد باي، وعلي بن عيسى، وغيرهم من الأعيان والمسؤولين. ومجموعة أخرى من الرسائل ترجع إلى قائد الدار أو حاكم المدينة، وشخصيات أخرى هامة في قسنطينة.
وفي دار أخرى تقع بالقصبة (لم يذكر صاحبها) قال إنه عثر على سجلات تتعلق بأملاك الدولة (البايليك). فأشار بها على المكلف بالإدارة