للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس والضوء للغرف، على زمامات (سجلات) المحاسبة للأمير عبد القادر، وعلى عدد كبير من الوثائق والعقود الخاصة بأملاك الأمير. واعترف بيربروجر أن ظروف الحرب جعلتهم ينقذون جزءا من هذه الثروة من الكتب. فكيف ضاعت؟.

لقد حمل جزءا من المخطوطات على ظهر بعير وجزءا، على ظهر حصان. وفي الطريق من معسكر إلى مستغانم سقط البعير من عل إلى هوة سحيقة. وكان على ظهره أربعون مخطوطا، فضاعت كلها معه. أما تلك التي حملت على ظهر الحصان فقد نجت ورجعت مع بيربروجر إلى العاصمة (١).

وفي تقريره إلى المتصرف المدني عن مهمته في قسنطينة سنة ١٨٣٧ روى بيربروجر كيف حصل هو وأمثاله على المخطوطات من ديار ومدارس ومساجد وحتى أضرحة هذه المدينة المباحة. وبعد أن تحدث عن المعالم العربية الإسلامية في المدينة والآثار الموجودة في الشرق الجزائري عموما.، قال إن العقيد لامورسيير قد سلمه مخطوطين في الدين وجدهما في ضريح أحد المرابطين. وأكد أن آخرين من أعضاء الجيش قدموا له مخطوطات، وأنه اشترى من جنود فرقة الزواف مخطوطات ثمينة كانوا قد نهبوها من المدينة، منها (تاريخ قسنطينة) منذ أقدم العصور الذي لم يذكر مؤلفه، و (تاريخ الجامع الكبير) (٢) في نفس المدينة، وأن (ليوتي) المتصرف العسكري عندئذ قد قدم إليه ثلاثة وستين مخطوطا وأعانه على نقلها إلى الجزائر.

ومأساة مكتبة القاضي العربي بن عيسى، أخ علي بن عيسى، قائد الحاج أحمد والمدافع عن قسنطينة، كانت مضرب المثل في هذه الظروف. وكانت مكتبة العربي بن عيسى المذكور غنية، وقد جمعها عبر عقود من


(١) بيربروجر (وصف حملة معسكر)، باريس ١٨٣٦، ص ٧٦ - ٧٧، ٨٧.
(٢) لا نعرف الآن أي شيء عن هذين المخطوطين. وسيكتب فايسات وشيربونو وفيرو وميرسييه عن قسنطينة دون الكشف عن الكتابين، فيما نعلم. وسيذكر بعضهم، مثل شيربونو كتاب (النبذة المحتاجة في أخبار صنهاجة) الذي استفاد منه، ثم اختفى الكتاب منذئذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>