ومهما كان الأمر فقد بقيت المكتبة تتبع وزارة التعليم العمومي أو المعارف، كما أصبحت تدعى، إلى سنة ١٨٩٨، وفي هذا التاريخ أصبحت ميزانية المكتبة تابعة لميزانية الجزائر بعد أن حصل فرنسيو الجزائر على ما سمي بالاستقلال المالي. وكانت المكتبة سنة ١٨٩٣ تضم حوالي ثلاثين ألف كتاب تعالج موضوعات مختلفة. ولكن معظم كتبها كانت عامة حتى قال أحدهم إنها مكتبة شعبية، فهي لا تحتوي على كتب نادرة أو غريبة. وكان لها فهارس للمطبوعات، كما قام أدمون فانيان بوضع فهرس المخطوطات العربية (وكذلك الفارسية والتركية) التي فيها سنة ١٨٩٣. وأصبحت تملك لأول مرة منذ إنشائها كاتلوقا لمخطوطاتها. وكان الكاتلوق يضم حوالي ألفي مخطوط، أغلبها بالعربية، وقد اطلعنا عليه عدة مرات ورجعنا إلى بعض عناوينه. وعلق قافو على المخطوطات عندئذ فقال إن منها ما هو تحفة فنية ويعتبر من العينات في الزخرفة والتجليد الممتاز والخط المذهب، وقال بعد أن نسب إلى بيربروجر فضيلة جلب المخطوطات من قسنطينة: إن الجزائر (العاصمة) مدينة أمية من أصلها ولم يكن فيها مخطوطات تقريبا. وهذا غير مستغرب من باحث غير نزيه. فقد كانت العاصمة تتوفر، كغيرها، على مكتبات خاصة غنية مثل مكتبات أحمد بن عمار وابن علي وسعيد قدورة وابن العنابي وابن الأمين وابن الشاهد والكبابطي، وغيرهم. ويعرف السيد قافو أن أغنياء علماء الجزائر قد خرجوا منها ساعة دخول الجيش الفرنسي واستباحتها، وقد حملوا معهم ما قدروا عليه. أما مكتبة الجامع الكبير التي كان يضرب بها المثل فقد صودرت مع أملاكه الوقفية الأخرى، كما أوضحنا في فصل آخر.
أما أقسام الكاتلوق الذي وضعه فانيان للمخطوطات فيشمل حوالي خمس عشرة وحدة. منها القرآن الكريم والحديث والفقه (٣٩٦ عنوانا، والباقي موزع على الفلسفة والسياسة والأمثال، والحساب، والهندسة، والفلك والعلوم، والجغرافية والتاريخ والطب والشعر والنثر المسجوع والقصص وغيرها (١).
(١) قافو (ملاحظات ...) في المجلة الأفريقية، ١٨٩٤، (مرجع سابق)، ص ٢٤١ - ٢٧٤. حسب هذا المصدر فأن الذين تداولوا على المكتبة هم: بيربروجر إلى =