للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الملاحظة الثانية للباحث فهي كشفه عن فقر علماء الجزائر الباقين تحت الإحتلال والتجائهم إلى بيع مخطوطاتهم لسد حاجاتهم المعاشية، خصوصا في شهر رمضان الذي يتطلب مصاريف إضافية. وقد استفادت المكتبة من هذا الوضع فاشترت خلال شهر رمضان (١٨٤٩) مجموعة هامة من المخطوطات، من بينها كما قيل، كتاب قديم في جغرافية المغرب العربي. وقد أضيفت ٢٠٠ مخطوطة للمكتبة بعد إحصاء ١٨٤٦. وهي في موضوعات مختلفة، ومن بينها مخطوطات لا يمكن العثور عليها في مكتبات أوروبا (١).

وفي سنة ١٨٦٢ أقيم حائط أمام المكتبة في نطاق تنظيم المدينة، ولكن الحائط غطى قاعة المطالعة حتى أصبحت كأنها كهف، حسب تعبير السيد قافو. وقع التفكير في نقل المكتبة من جديد إلى مكان مناسب، وكذلك فصل المتحف عنها. وهكذا نقلت المكتبة إلى قصر الداي مصطفى باشا، وهو قصر يرجع إلى آخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر حين كان هذا الداي على سدة الحكم (توفى ١٨٠٥). وقد ورثه منه إبنه إبراهيم باشا الذي سعى مع حمدان خوجة في تخليص الجزائر من الإحتلال الفرنسي بين ١٨٣٢ - ١٨٣٦، ولكن الأمر انتهى بإبراهيم إلى السجن حيث مات في سجن عنابة بينما نجا زميله خوجة بالهروب إلى اسطانبول. ثم ورث مصطفى بن إبراهيم القصر من والده، غير أن الورثة رهنوا القصر لفقرهم، وعندما عجزوا عن الدفع استولى عليه فيالار vialar عن طريق المحاكم، وهكذا خرج من يد الورثة سنة ١٨٥٩. وكاد الحزن يمزق (الأمير) مصطفى الذي عبر عن حزنه في قصته (حكاية العشاق) (٢). وكان قصر الداي مصطفى من أفخم قصور الجزائر، وكان مقرا للحاكم العام الفرنسي والاستقبالات الرسمية مدة طويلة قبل ذلك.


(١) السجل، سنة ١٨٤٦ - ١٨٤٩، ص ١٩٦ - ١٩٧.
(٢) انظر ذلك والظروف السياسية والأدبية في تحقيقنا لقصة (حكاية العشاق)، ط ٢، ١٩٨٢. انظر قافو (ملاحظات حول مكتبة ومتحف الجزائر)، في المجلة الأفريقية، ٣٨، ١٨٩٤، ص ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>