كانت فوضى لأن الأسباب الاقتصادية جعلت المشرفين عليها يسفرونها في مجموعات لا علاقة بينها من حيث الموضوعات. قام كور بوضع فهرس بالفرنسية للمخطوطات العربية ضم أسماء المؤلفين. أما عناوين المخطوطات فقد احتفظ بها عربية. وضرب كور أمثلة على ندرة بعض المخطوطات بكتاب (بغية السالك في أشراف الممالك) لمحمد السهيلي (كتبه الساحلي؟) وقال إنه لا توجد منه نسخة أخرى إلا في المتحف البريطاني. وبالإضافة إلى ذلك هناك كتب عن الطرق الصوفية ومنها كتاب لمحمد بن عبد الرحمن الأزهري (بوقبرين) وكتب أخرى في التاريخ والأدب وغيرهما مثل روضة النسرين، ونظم الدر والعقيان، والاكتفاء. وتوقع الفرنسيون أن نشر الفهرس (الكاتلوق) سيجعل الأهالي يتبرعون بمخطوطاتهم إلى مكتبة المدرسة أو على الأقل بنسخ منها. وكانت حكومة شارل جونار قد أقدمت على مشروع يتضمن فهرسة المخطوطات في مختلف المراكز ومنها المدارس الرسمية الثلاث (١).
وحين أعيد تنظيم التعليم العربي - الإسلامي بدروس المساجد والمدارس في آخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن نشأت أيضا إزاء كل حلقة درس مكتبة من نوع المكتبات المدرسية، حيث يراجع الشيخ درسه ويوسع التلاميذ معلوماتهم. وكان التنافس كبيرا على فتح المكتبات المدرسية بالعربية والفرنسية، وكان المفتشون الفرنسيون يلحون على وجود هذه المكتبات ويعتبرون الشيخ الذي لم وفق في إنشاء نواة لها فاشلا في مهمته التعليمية. وهكذا نشأت في عنابة، وسطيف، ووهران، وقسنطينة، وبجاية، وتلمسان الخ ... مكتبات من النوع الذي نتحدث عنه. وإذا لم يتيسر فتح مكتبة جديدة كان المعلم والتلاميذ يلجأون إلى أقرب مكتبة لهم باتفاق مع المفتي والسلطات المحلية. مثله في سنة ١٩٠٥ لاحظ ألفريد بيل بعد تفتيشه مدرس ندرومة، أن ما ينقص هذه المدينة هو المكتبة التي يجب أن تلحق بالجامع وتكون تحت مسؤولية المدرس. وقال إنه من السهل على بلدية ندرومة أن
(١) أوغست كور (كاتلوق المخطوطات العربية ...) جوردان، الجزائر، ١٩٠٧، ٧٢ صفحة مراجعة (مجلة العالم الإسلامي) يناير ١٩٠٨، ص ٢١٧ - ٢١٨.