للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن بعضهم قد مارس التجارة والتعليم والصنائع المختلفة والزراعة. ولكن هذه الأعمال لم تمنع من شعورهم بالحاجة إلى التضامن كفئة خاصة. لذلك أسسوا بتشجيع من السلطة التي كانت تتعاطف معهم، عدة مؤسسات خيرية كانوا يهدفون من ورائها إلى التضامن فيما بينهم من جهة وإلى خدمة فقرائهم من جهة أخرى. فلقد أسسوا جمعية لهذا الغرض أشرفت بدورها على إقامة مسجد وزاوية ومدرسة خاصة بهم. وكانت هذه الجمعية الأندلسية مكونة من ستة أشخاص كلهم من المهاجرين الأندلسيين. وقد اشتروا دارا كبيرة وحولوها بالبناء والإصلاح إلى المدرسة والمسجد المذكورين وأوقف أغنياؤهم على ذلك الأوقاف التي بلغت، حسب بعض الإحصاءات، ستين مؤسسة وقف. وقد عينوا لذلك وكيلا، وهو الشيخ محمد الآبلي. ومما يلاحظ أن كثيرا من الأوقاف كانت مشتركة بين الحرمين والأندلس أو بين الجاح الأعظم بالعاصمة والأندلس، وظلت هذه الجمعية الأندلسية وأوقافها الكثيرة إلى الاحتلال الفرنسي الذي قضى على الجمعية واستولى على أوقافه (١). وكان الأندلسيون يتمتعون بمكانة خاصة في المجتمع الجزائري وخصوصا لدى العثمانيين حتى أن بعضهم كان يعين على أوقاف حنفية عثمانية، مثل حميدة الأندلسي الذي كان عضوا في لجنة إدارة سبل الخيرات، ومثل سليمان الكبابطي الذي عينه خضر باشا على أوقاف جامعه، ومثل محمد بن جعدون الذي عينه محمد عثمان باشا وكيلا على أوقاف جامع سوق اللوح، وسنعرف أن عائلات أندلسية، مثل عائلة ابن نيكرو، قد اشتهرت وتنفذت في العهد العثماني (٢).


(١) تأسست الجمعية الأندلسية سنة ١٠٣٣ (١٦٢٣ م). انظر ديفوكس (المجلة الإفريقية) ١٨٦٨، ٢٧٩. قارن أيضا بما جاء في (طابلو) وزارة الحرية الفرنسية ٢/ ١٨٣٨، ٢٢٣.
(٢) ومع ذلك فقد كان مهاجرو الأندلس محل استغلال من البعض ولم يسلموا أيضا من غارات الأعراب ولا سيما في أول هجرتهم. ونعرف أن المرابط محمد بن ساسي البوني كان يفرض ضريبة خاصة على مهاجري الأندلس في عنابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>