للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمصالح الدولة الفرنسية بعد الاحتلال مباشرة (١).

ولمؤسسة مكة والمدينة أهمية سياسية أيضا، فقد كانت تمثل وجه الجزائر في العالم الإسلامي وكان ركب الحج الجزائري يحمل كل سنة كمية هائلة من النقود والذهب والفضة والألبسة وغيرها إلى فقراء مكة والمدينة وخدام الحرمين الشريفين، وفي حديثنا عن العلماء والأشراف سنعرف أن إمارة ركب الحج كانت قضية معقدة تتدخل فيها السياسة والعلم والدين (٢). وكان لعواصم الأقاليم أيضا أوقاف خاصة بأملاك مكة والمدينة على غرار ما كان في مدينة الجزائر. وكان ركب حجيج كل إقليم يحاول أن يتفوق على نظرائه في الثروة والجاه. ومن أشهر من حمل صدقة مكة والمدينة من قسنطينة، بعد عبد الكريم الفكون، القاضي أحمد العباسي. وقد اشتهر الباي محمد الكبير بحبه للجاه والسمعة فكان يهادي علماء المشرق، ولا سيما علماء مكة والمدينة، عن طريق ركب الحج الذي كان ينطلق من عاصمته معسكر ثم وهران (٣).

وقد كان مهاجرو الأندلس يعيشون وضعا خاصا في الجزائر قبل اندماجهم في المجتمع الجديد نهائيا. فقد كانوا في البداية لاجئين يبحثون عن أماكن للاستقرار ووسائل للعيش والأمن. وبتقادم الزمن استقروا في المدن الساحلية وأخذ بعضهم يسهم في الحروب البحرية ضد الإسبان، كما


(١) ديفوكس (المجلة الإفريقية) ١٨٦٠، ٤٧١، قارن ذلك بما جاء في (طابلو) وزارة الحربية الفرنسية ٢/ ١٨٣٨ من أن عدد المؤسسات التابعة لمكة والمدينة بلغت ١٤١٩، سنة ١٨٣٨ بينما ما ذكره ديفوكس بلغ مجموع ١٥٥٨ أما عن أوقاف الأندلس بالأرشيف فانظر دفتر (٣٤٦) ٤٦ - ٢٢٨ MI .
(٢) كانت عائلة الفكون (من قسنطينة) هي التي تتولى إمارة ركب الحج الجزائري كل سنة. ومن أشهر رجالها في القرن الحادي عشر عبد الكريم الفكون الذي سيأتي الحديث عنه. أما حامل (الصرة) الرسمية فقد كان هو أمين بيت المال، كما ذكرنا.
(٣) عن أوقاف الأقاليم ومدخولها ووكلائها انظر الأرشيف دفتر (١٨١) ٣٢ - ٢٢٨ - MI وما يعده، ثم دفتر (٢١٦) - ٣٧ - ٢٢٨ MI .

<<  <  ج: ص:  >  >>