للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة، وتآليف غير تامة في موضوعات شتى (١).

مكتبة عائلة الفكون: وأقدم المكتبات العائلية الخاصة هي مكتبة الشيخ الفكون، شيخ الإسلام بقسنطينة. فقد كانت تحتوي على آلاف المخطوطات، بعضها كان لا يقدر بثمن من حيث القيمة الجمالية أو من حيث الموضوع. كما كانت تضم كتابات على الرق الجيد، والقطاع الكبير، وبعض التحف. وقد وصفها البارون ديسلان، أوائل الأربعينات من القرن الماضي حين أوفده وزير المعارف الفرنسي في مهمة إلى قسنطينة لتقديم تقرير عن المكتبات، ومنها مكتبة الفكون ومكتبة باشں تارزي. ولكن عائلة الفكون قد عرفت حظوظا جديدة في العهد الفرنسي وانقلب بها الدهر، فكانت رغم ماضيها، من أوائل المتعاونين مع العدو الذي انتصر في قسنطينة سنة ١٨٣٧، والذي سرعان ما كشر عن أنيابه لها وأسقطها من حسابه، بعد أن (قضى منها اللبانة)، كما يقول القدماء. فأزال الفرنسيون لقب مشيخة الإسلام عنها، وأخذوا مواردها وأوقافها ومصادرها المالية، وإعفاءاتها من الضرائب ونحوها، وعزلوا حمودة الفكون وطاردوه واتهموه بشتى الاتهامات ونفوه. ومن نكبات الدهر بهذه العائلة أن أحد أبنائها وهو أحمد الفكون، سبق غيره بالتجنس بالجنسية الفرنسية ١٨٦٦، (انظر ترجمته). وكانت المكتبة من ضحايا هذه التقلبات كلها، وهي ثروة وطنية قبل أن تكون عائلية. فقد نهبت واعتدي عليها، وبيعت في المزاد بميزان البطاطا، كما نقول اليوم.

يقول أحد الباحثين الأجانب إنه بينما كان حمودة الفكون يحتج أمام المحكمة في قسنطينة بأن ناحية كدية عاتي كانت ملكا للعائلة لأن فيها جبانة ومقابر أفراد العائلة، وأن أجداده وآباءه كانوا هم القيمين الروحيين على المدينة - قام المقرضون الأروبيون (الفرنسيون) بحجز مجموعة المكتبة التي كانت تقدر بأربعة آلاف مخطوطة ثمينة، ثم باعوها في المزاد بأثمان بخسة (٢).


(١) محمد ناصر (أبو اليقظان)، الجزائر، ط، ٢، ١٩٨٤. انظر حديثنا عن أبي اليقظان في الفصل السابق، فقرة الصحافة.
(٢) آلان كريستلو (المحاكم الإسلامية) برنستون، ١٩٨٥، ص ١٠٥. عن هذه المكتبة غداة الاحتلال انظر الجزء الأول من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>