للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ١٨٩٢ كتب المستشرق فانيان كلمة مؤثرة عن ضياع ما بقي من مكتبة شيخ الإسلام الفكون. وروى كيف تفرقت وضاعت نهائيا. وهو بالطبع لا يهمه أن تضيع لأنها انتقلت في أغلبها إلى أيدي المستشرقين والمترجمين الفرنسيين، ولكنه كعالم أحس بالصدمة عندما سمع بالإهانة التي لحقت بالمخطوطات. قال فنيان إن أحد الدائنين قد باع المكتبة منذ أسابيع وهي في أسوأ الأحوال، ودون أن يعلن حتى عن بيعها بالمزاد ليقع التنافس بين المشترين، وإنما باعها ذلك الدائن (بطريقة وزن الورق القديم) ... وهكذا فإن كيسا مليئا بالكتب الثمينة قد بيع بثلاثين فرنكا، وأما الباقي فقد بيع لأول قادم (١).

وذكر فانيان أن البارون ديسلان قد قدر محتويات مكتبة الفكون بأربعة آلاف مخطوط في تقريره الرسمي. ولما رآها فانيان نفسه سنة ١٨٨٦، ثم سنة ١٨٨٩ قدر ما بقي منها حوالي ألفين فقط، من بينها عدد كبير من المجلدات الفاخرة والقديمة. ولكننا نعلم أن نصفها قد ضاع قبل ذلك الحين. وقد وجد أثناء زيارته ٤٢٥ مجلدا منها محتجزا. (لعل بعض الدائنين حجزوا ذلك)، واطلع أيضا على هذا العدد وتفحصه (سنة ١٨٨٦)، وكان فيه عدد من المجلدات الهامة والنادرة جدا. وحاول فانيان عندئذ أن (ينقذها)، كما قال، أو ينقذ بعضها ولكنه لم يستطع أن يفعل شيئا، اللهم إلا قطعة من كتاب (المقتبس) الذي قام المستشرق كوديرا CODERA بنسخ نسخة منه بإشارة منه (فانيان) (٢).

ولا ندري إن كان حقيقة أو خيالا أن يقول الشيخ محمود كحول سنة ١٩١٣ عن محمد بن الحسن الفكون إن أسرته كانت ولوعة بجمع المخطوطات


(١) لعل انتقال بعض كتب مكتبة الفكون إلى مكتبة زاوية طولقة (انظر سابقا) قد وقع خلال هذا البيع.
(٢) ادمون فانيان (مجموعة مخطوطات سي حمودة)، (المجلة الافريقية) ١٨٩٢، ص ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>