للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السعيد ثانيا هو القيم على شؤون الزاوية بما فيها المكتبة. ثم كانت الحرب التي انتهت بواقعة الزمالة التي أدت إلى ضياع المكتبة وتفرقها في أيدي الفرنسيين، ومنهم دومال، ولامورسيير، ودوماس، ويذكر ابنه محمد باشا أن الكتب كانت قليلة في البلاد وكانت ضرورية للعلم والتعلم، فاجتهد الأمير في جمعها من كل جهة وكان يجازي كل من يحضر إليه مخطوطا أثناء جعله مدينة معسكر هي العاصمة. وأصدر الأوامر في ضرورة حفظ الكتب الموجودة بأيدي الطلبة، وخطط لإقامة مكتبة في تاكدامت عندما جعلها هي العاصمة البديلة، وأخذ يجمع لها الكتب اللازمة. غير أن كل ذلك تفرق في واقعة الزمالة كما ذكرنا (١).

وفي سجن امبواز ثم في بروسة ودمشق جمع الأمير مكتبة جديدة، وكانت هي مصدر غذائه الروحي بعد أن فقد مجده العسكري والسياسي. وكانت مكتبته في قصر دمر حيث أقام طويلا إلى وفاته، ممثلا في الثروة والتنوع. ولا شك أنها قد جمعت الكتب المخطوطة إلى المطبوعة، وكذلك وثائق العائلة والرسائل ونحوها. وكان ابنه محمد قد استفاد من هذه المكتبة في كتابة سيرة والده وتاريخ الجزائر. ويبدو أن مكتبة الأمير ضاعت أيضا بين أيدي الورثة من جهة وأثناء غارة الأتراك على القوميين العرب سنة ١٩١٦ من جهة أخرى. فقد قيل إنهم بعثروا هذه المكتبة أثناء البحث عن ابنه عمر الذي اتهموه بالتآمر ضدهم ثم شنقوه (٢).

مكتبة الشيخ طاهر الجزائري: أصبح الشيخ طاهر بن صالح السمعوني الجزائري أحد أعيان الفكر والأدب والقومية في بلاد الشام في آخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن. ومكانه هو فصل المشارق والمغارب، وإنما نذكر هنا أن مكتبته النفيسة قد تبعثرت أيضا نتيجة الحرب العالمية الأولى وانضمامه هو إلى حزب اللامركزية المعادي لسياسة جمعية الاتحاد والترقي التركية. وقد هاجر إلى مصر خوفا من جور جمال باشا والي دمشق الذي


(١) (تحفة الزائر)، ١/ ٢٠٢.
(٢) الخالدي (المهجرون ...)، ص ٣٩٩. مخطوط. انظر أيضا دراستنا عن مخطوطة تحفة الزائر الضائعة في أبحاث وآراء، ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>