للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تردد عليها وبعض تواريخ ذلك. وكان أمثاله من علماء المنطقة يذهبون إلى المدن الشمالية والتل للهروب من شظف العيش والحرارة الصيفية، وفي الغالب كانوا يرجعون إلى مسقط رأسهم مع بداية موسم الخريف. ويبدو أن الشيخ علي كان يفعل ذلك. وزادت مهنته من حبه للتجوال بين المكتبات والزوايا وأهل العلم، ولو طلب من أحد أن يكتب عن الجزائر العلمية في مدار هذا القرن لكان هذا الشيخ من الفرسان لمعرفته بأمور كثيرة تتعلق بالتعليم والدين والمكتبات. ولكنه كان منشغلا بأشياء أخرى عن التآليف.

وحسبما وجدناه مسجلا في أوراقه المحفوظة، وعلى بعض نسخ المكتبة فإن الشيخ قد زار البلدان والمناطق الآفة في أوقات مختلفة: العاصمة ١٣٠٢، ولعله زارها أكثر من مرة ولكن ذلك هو ما وجدناه مسجلا. ونفس الشيء يقال عن بعض الأماكن التي سنذكرها، وهي سوق أهراس التي كان بها في ذي القعدة سنة ١٢٩٩، حسب نسخة بخطه جاء فيها: (حين غربتي عن أهلي، وذلك لامتحان الزمان واحتياجي إلى الله). وهذا تعبير قد يكون فيه تلميح إلى غربة اضطرارية لأسباب سياسية أو اقتصادية، لأن ذلك معنى الابتلاء الذي أشار إليه وحاجته إلى معونة الله. وكثيرا ما وجدناه يقصد الأوراس ولا سيما بلدة زوينة ومنعة، وكذلك بسكرة، إضافة إلى نفطة بتونس. وكان ربما من أتباع الطريقة القادرية، لأنه ذكر عدة مرات زاويتين ترجعان إلى هذه الطريقة وهما زاوية ابن عباس بالأوراسں (منعة)، وهي قادرية بالتأكيد، وزاوية سيدي الحسين، بنفطة، ولعلها هي زاوية الشيخ الحسين بن إبراهيم، وهي أيضا قادرية، وكان الحسين أخا للشيخ الهاشمي صاحب زاوية عميش. وقد يكون الحاج علي من المنتمين لعدة زوايا أو طرق صوفية، لأن مهنته تقتضيه ذلك، وكذلك التغطية السياسية كانت ضرورية بالانتماء إلى عدة طرق في نفس الوقت (١).

...


(١) من الذين ترجموا للحاج علي بن القيم، الشيخ محمد الطاهر التليلي في مخطوط له، وتوجد بعض أخباره أيضا فى كتاب (أضواء) لعبد الباقي مفتاح (مخطوط).

<<  <  ج: ص:  >  >>