للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطلنا عن قصد في الحديث عن الحاج علي بن القيم لأنه من أبرز النساخ المعروفين في عهد الاحتلال. ونقول المعروفين لأن هناك من لا نعرفهم، وربما يتفوقون عليه. ولكن النساخة عانت في هذا العهد نتيجة ظهور الطباعة وتقدمها. ولم يسبق اللجوء إلى النسخ إلا عند انعدام المطبوع، أو الاحتفاظ بنسخة خطية تكريما للخط الجميل عند المحافظين على هذا الفن، سيما في المصاحف التي يتفنن النساخ في إخراجها وتذهيبها وزخرفتها. وقد كان بعض الناس يكرهون، وربما يحرمون، المصاحف المطبوعة بحرف المطبعة ويفضلون عليها خطوط اليد. ونلاحظ أن النساخة بقيت شائعة في الأرياف عموما حيث الزوايا والحياة الدينية والعلمية التي لم تتأثر بالغزو الثقافي الأجنبي.

وكان بالعاصمة سوق شهير للوراقين قضى عليه الفرنسيون منذ الأيام الأولى للاحتلال. كما قضوا على مختلف الصنائع المحلية، ثم عادوا يتأسفون عليها بعد أن صوح نبتها وانقرض جيلها. وحين تذكروا ذلك في آخر القرن الماضي أخذوا يلاحظون الفرق الموجود في صناعات المغرب وتونس، وحاولوا الاستعانة بها لإنشاء وتطوير الصناعات التقليدية في الجزائر على أساس أنها قريبة الصلة بها وبالأندلس (١).

وفي زواوة وبجاية اشتهر محمد الطاهر بن محمد السعيد بن إسماعيل الزواوي الوغليسي بفن النساخة. وكان قد عاش حتى أدرك الاستقلال (١٨٧٣ - ١٩٦٩). ومن خطه عدة نسخ من كتاب علي بن فرحون في الأنساب. وكتاب ابن أبي جمرة في الحديث، وشوارق الأنوار للورتلاني، وغيرها (٢).

ويذكر الشيخ المهدي البوعبدلي أن الشيخ البشير محمودي البرجي (خطاط شهير). وأنه ورث خزانة كتب أسلافه، وكان كلما اطلع على وثيقة


(١) راجع كراسات الاحتلال، بحث أوغسطين بيرك.
(٢) مراسلة من على أمقران السحنونى، بتاريخ ١٤ أكتوبر ١٩٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>