وكان ظهور فئة الأشراف يعود إلى أوائل القرن الحادي عشر (١٧ م) وقد بنى لهم محمد بكداش باشا سنة ١١٢١ زاوية خاصة بهم، ولعل هذا كان من أسباب تعاطفهم معه ونسبته إلى حضرتهم، ونصت وقفية الباشا على هذه الزاوية على أن لا يقيم فيها سوى الشريف غير المتزوج ولا يتولى فيها الإمامة والدرس أو الخطابة ونحو ذلك من الوظائف إلا الشريف أيضا، وفي حالة عدم توفر الشريف يبحث عن إنسان ورع للقيام بالوظيفة الشاغرة، كما نصت الوقفية على أن الوكيل هو الذي يتولى تصريف شؤون الوقف، وأن الفائض منه يوزع على فقراء الأشراف المولودين في الجزائر وأنه لا يجوز للوكيل أن يأخذ شيئا من الوقف لنفسه إلا عند الضرورة القصوى، وفي هذه الحالة يصير هو كالشريف الفقير، ولم يكن هذا الوقف خاصا بالرجال، فهو لهم وللنساء والأطفال أيضا. ولا يجوز لنقيب الأشراف أن يتدخل في شؤون الزاوية، ذلك أن وضعه بالنسبة إليها هو وضع أعيان الأشراف الذين عليهم أن يجتمعوا مع الوكيل مرة في السنة في الزاوية للنظر في إدارة الوكيل وأحوال الوقف. وهؤلاء كانوا يمثلون المجلس الذي له البت في كل أمور الزاوية وحاجاته (١).
ومن مؤسسات الأوقاف في العهد العثماني مؤسسة (بيت المال) التي كان يشرف عليها أمين يسمى أحيانا (ييت المالجي) , وأمانة بيت المال وظيفة رسمية إذا قيست بوظيفة الوكلاء السابقين. ولذلك كان الباشا يعين أحد القضاة أيضا ليساعد أمين بيت المال في إدارة المؤسسة، ذلك أن هذه المؤسسة كانت من جهة سياسية ومن جهة أخرى خيرية. فقد كانت تشرف وترعى جميع أموال اليتامى والغائبين والأملاك التي تصادرها الدولة وكذلك التركات. وكانت أيضا تقوم بأعمال خيرية وإنسانية واجتماعية كدفن فقراء المسلمين وتوزيع الصدقات على حوالي مائتي فقير كل يوم خميس، وتقديم الهدايا في كل عيد إلى الباشا وحاشيته وخدمه. وبالإضافة إلى ذلك كانت