للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصون الأملاك الواقعة تحت طائلتها، كما كانت تدفع شهريا مبالغ مالية معينة إلى خزانة الدولة (١).

وتعتبر أوقاف الجامع الكبير وبعض الزوايا بالعاصمة، وأوقاف الجامع الكبير في قسنطينة ومعسكر وتلمسان والمدية من المؤسسات الغنية في المجتمع الجزائري، وهي لذلك كانت وسائل للنفوذ والإثراء لمن يتولى وكالتها من العلماء، ونحوهم (٢). وقد كانت عائلة قدورة متولية وكالة أوقاف الجامع الكبير بالعاصمة مدة طويلة، واستطاع سعيد قدورة أن يبني زاوية ومدرسة من فائض أوقاف الجامع الكبير. ومن الزوايا كثيرة الدخل في العاصمة زاوية الولي دادة، وزاوية أحمد بن عبد الله الجزائري، وزاوية عبد الرحمن الثعالبي، وكانت جميع الطبقات الاجتماعية توقف على زاوية الثعالبي، بل إن بعض البلدان، مثل تونس، كانت ترسل إليها حمولة زيت كبيرة سنويا. أما في قسنطينة فقد كان للجامع الكبير أوقاف هائلة بلغ دخلها على عهد صالح باي ٤٩١ ريالا بينما صرفها بلغ ٤٠٨ ريالات، وقد سبق أن وصفنا ثروة زاوية الشيخ المجاجي (آبهلول) نواحي تنس، وهي الزاوية التي كانت تطعم حوالي ألف وثلاثمائة رجل (بالرغائف والثريد والزبدة والعسل) والتي كانت قصعتها تحتوي على ثلاثين (نوعا من الطعام واللحم) (٣).

وقبل أن نختم الحديث عن الأوقاف نشير إلى أن اليهود كانوا أيضا يستغلون الأوقاف عن طريق الكراء ونحوه، بل لقد وجدت في الأرشيف أن


(١) (طابلو) وزارة الحربية الفرنسية ٢/ ١٨٣٨، ٢٢٤، انظر أيضا ناصر الدين سعيدوني، (النظام المالي للجزائر في الفترة العثمانية) الجزائر ١٩٧٩، ١٠٣ وما بعدها.
(٢) أظهر الأرشيف أن هناك أوقافا ضخمة باسم الجامع الأعظم وكان بعضها مشتركا بينه وبين أوقاف مكة والمدينة، أو بينه وبين أوقاف الأندلس، وكثيرا ما كان الواقفون يوقفون أولا على أنفسهم وذريتهم، فإذا انقرضوا تؤول الأوقاف إلى الجامع الكبير كما لاحظنا في وقف محمد المازوني بالبليدة. وقد كانت الجوامع الكبيرة في المدن الإقليمية تخضع لنفس المعاملة التي يخضع لها الجامع الأعظم في العاصمة.
(٣) أبو حامد المشرفي (ياقوتة النسب الوهاجة) مخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>