للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتماشى مع العاطفة الرومانتيكية السائدة. فقد جعل الكاتب زفيرة، وهي امرأة سالم التومي، تكره عروج وتحب الفارس المالطي المسيحي، كما جعلها تطعن عروج بخنجر لأنه قتل زوجها التومي، ثم تتناول السم قبل أن يصل عشيقها المالطي متأخرا، ولما وصل بعد فوات الأوان طعن نفسه بالخنجر وهو يصرخ: (عليك لعنة الله يا عروج!) (١). وهكذا كان في المسرحية أربعة قتلى ليشبع المشاهدون المتعطشون للدم والعنف من الانتقام ثم يغرقوا في الدموع.

المسرح الذي أنشأه الفرنسيون كان يحمل اسم (المسرح البلدي) عادة. وقد أنشأوا ذلك في كل مدينة تقريبا. فكان للعاصمة مسرحها البلدي منذ ١٨٥٣. وقد اشتهرت حفلاته قبل ١٨٧٠، وكان عادة مكتظا بالحضور، ومثلت عليه سارة بيرنار سنة ١٨٨٩ وغيرها من مشاهير الممثلين والممثلات، ويتحدث البعض عن وجود المسرح الكبير (او الامبريالي) سنة ١٨٦٠، وكانت تعرض فيه قطع الأوبرا وحفلات الباليه أربع مرات في الأسبوع. وكان يقع في الساحة الكبيرة قرب باب عزون (الجنينة اليوم؟) (٢). وهكذا كانت التمثيليات والأوبرا وكذلك الباليه تعرض في العاصمة للجمهور الفرنسي الذي يجد التسلية والمتعة وأيضا التعبئة المعنوية. ويبدو أن الجزائريين كانوا يذهبون إلى المسرح أيضا ولكن بعدد ضئيل، سيما في العقود الأولى. وكان بعض الفرنسيين يدعون أعيانا من الجزائريين للتأثير عليهم أو لمعرفة رد فعلهم أزاء بعض المناظر.

ويحدثنا القس بلاكسلي أنه حضر حوالي سنة ١٨٥٨ حفلة تمثيلية في المسرح. وقد جيء بشاب عربي في العشرينات من عمره لتذويقه الحضارة الفرنسية، وكان معه دليل فرنسي. ودارت المسرحية حول سيدة فرنسية تزوجت محبوبها بطريقة فردية دون الرجوع إلى أهلها، وأنجبت ولدا، ثم


(١) جاكلين بيلي (عندما أصبحت الجزائر ...) مرجع سابق، ص ٢٦٣.
(٢) وينقرون كوك (الاحتلال والاستعمار في شمال افريقية)، لندن ١٨٦٠، ص ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>