للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنكت العملية والبهلوانيات. وهو ممثل بارع، وفي نفس الوقت بارع في الضرب وتوجيه اللكمات لغيره خلال المسرحية. وكانت الحبكة في مسرحية الكركوز تقدم بالعربية وبالفرنسية. وقد أوصى أحد الكتاب بحذف المناظر المثيرة من المسرحيات التي تفسد في نظره أخلاق الجيل الجديد المواظب على حضورها (١).

ومهما كان الأمر فإن الشعب لم يبق بدون حفلات وأفراح جماعية. فبالإضافة إلى حفلات المقاهي ومهرجانات رمضان كانت أيضا حفلات المزوار، وهي حفلات تؤدي فيها بعض النساء الرقص والغناء. وما نظنه إلا رقصا خليعا لإرضاء السواح والجنود، ومع ذلك أبقاه الفرنسيون رغم أنهم ألغوا وظيفة (المزوار) الذي كان في عهد الدايات مسؤولا على البغايا. وكذلك كانت حفلات الأعياد، ونعني عيد الأضحى بالذات. وتروي بعض الكتب أن زنوج العاصمة كانوا يجتمعون بين عشرة إلى خمسين شخصا ويؤدون رقصا جماعيا وهم في فرح وغبطة خلال معظم اليوم، ويتجولون في الشوارع على أنغام الموسيقى ويقفون أمام بيوت رؤسائهم، ثم يجتمعون في باب الواد، وبيد كل منهم قرقابو (قطعتان حديديتان) وطبل، ثم تضرب الموسيقى ويقع التلاعب بالعصى (٢). ومن المؤكد أن المدن الأخرى لها تقاليدها المسرحية المشابهة أيضا، ولها نظام حفلاتها ومواسمها وممثلوها.

وقد روى لنا إسماعيل بوضربة سنة ١٨٥٨ أنه شاهد بورقلة حفلة مثيرة بمناسبة يوم عاشوراء، وهي حفلة جرى فيها التنكر إذ لبس الممثلون فيها جلود الأسود والثيران والجمال، وحتى جريد النخل. ثم حملوا المشاعل وساروا إلى وسط المدينة وهم يرقصون ويغنون، وعندما وصلوا إلى الساحة أشعلوا النار ورقصوا حولها على أنغام الطبل المدمدمة. وهذه الحفلة اشترك


(١) فرنسيس بولسكي (العلم المثلث)، لندن، ١٨٥٤، ص ٣٧. انظر مقالة رشيد بن شنب (الكراكوز، تعليق على أصل المسرح الشعبي في شمال أفريقية) في (مجلة أفريقية الأدبية) رقم ٢١، سبتمبر/ أكتوبر ١٩٤٢.
(٢) انظر فقرة الموسيقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>