للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها العامة والأعيان. وقد سماها بوضربة نوعا من المهرجان السنوي. واعتبرها من بقايا الوثنية لأنها في نظره غير معروفة عند العرب الأصلاء. ومن تمثيليات الحفلة أن شيخا متقدما في السن كان أدى فريضة الحج، وله زوجة شابة تصغره كثيرا، ثم يدور الحوار والمداورات، وتنتهي التمثيلية بانتزاع البطل البهلوان الزوجة الشابة من يد زوجها العجوز.

وهذا النوع من الحفلات التنكرية التي يبدو أنها غليظة وتخفي الغضب الاجتماعي، بقيت إلى ١٨٧٤، فقد أقيمت حينئذ حفلة تمثيلية للوفد الفرنسي الرسمي بورقلة، أشرف عليها قايد ورقلة عندئذ (ابن إدريس)، ولكنها كانت أقل خشونة وأحسن نهاية من سابقتها إذ مثلت فيها مطاردة الأسد ووصول القافلة السلامة وعمليات نشاط رجال المخزن (١). ولا شك أن هذا النوع من الحفلات كان شائعا في القطر كله ولكن بدرجات متفاوتة في التنوع والرقي.

وعندما تحدثنا عن إبراهام دانينوس، قلنا إنه نشر (نزهة المشتاق وغصة العشاق) سنة ١٨٤٨. ولا ندري إن كانت قد مثلت أم لا. وفيها أدوار نسوية أيضا. وتدور أحداثها في العراق، وتمثل قصة حب خيالية يبدو أنها مستوحاة من ألف ليلة وليلة. ومن شخصياتها نعمة ونعمان. وكان دانينوسں متأثرا بالبيئة الجزائرية التي ولد فيها، ولعله كان من أصل يوناني، وقد انضم إلى الفرنسيين بعد الاحتلال وأصبح من المترجمين المقربين إليهم. ولكن عمله يظل محاولة جديرة بالدراسة وإمعان النظر في تاريخ المسرح والمسرحيات (٢).

وتكاد (نزهة المشتاق) تزامن مع (حكاية العشاق في الحب والاشتياق) لمصطفى بن إبراهيم باشا، الذي ألفها سنة ١٨٤٩، ولكنها لم تنشر، وظلت محفوظة وبنسخة واحدة، حسب علمنا، إلى أن نشرناها سنة ١٩٧٧. وكانت


(١) ف. فيليب (مراحل صحراوية)، الجزائر ١٨٧٤، ص ٧٧ - ٧٩. نقل هذا المصدر أيضا عن رحلة بوضربة إلى غات سنة ١٨٥٨.
(٢) عن دانينوس انظر فصل الترجمة، وكذلك عمر مهدي (المسرح البدائي) في جريدة (السلام)، ٩ يناير ١٩٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>