للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفرنسية (الفصحى) التي لا يفهمها الجمهور حقيقة.

ويبدأ تاريخ المسرح الحديث في نظرهم منذ ١٩٢٦ حين وظف علي سلالي (علالو) ورشيد قسنطيني اللهجة العامية لأداء تمثيليات تاريخية ونقدية (١). لقد استعمل الجزائريون أيضا الفصحى وكان لها جمهورها ولم يفشل الممثلون، والفرق هو أن العامية كانت أكثر نجاحا، ولذلك صيغت وعرضت أغلب المسرحيات بالعامية. واستعمال العامية في المسرح لم يكن ظاهرة جزائرية فقط بل كانت العامية مستعملة أيضا في مصر وغيرها، ولذلك دعا الشيخ المدني إلى تهذيب العامية والصعود بها نحو الفصحى لأن العامية نفسها درجات في السمو والانحطاط.

كان رشيد قسنطيني موهوبا في فن الكوميديا، ولد في العاصمة سنة ١٨٨٧ وتوفي بها سنة ١٩٤٤. عاش هذه الفترة المزدحمة بالتطورات وقضى فترة طفولته في عهد كامبون وشبابه في عهد النهضة الأولى فامتلأ بالآمال وخطط أن يكون منتجا مسرحيا ومغنيا ومضحكا للشعب وأيضا مؤثرا عليه. قليل من أعماله لها مدلول سياسي مباشر أو غير مباشر، وإنما هناك مشاعر حية ومشتركة بين الفنان والمواطن، بين اللغة والتفكير والهوية والواقع. وثقافته ثقافة عصامية شأنه شأن معاصره علي سلالي أو علالو. وعندما ظهرت الإذاعة كان رشيد من الممثلين فيها أيضا، ومن الأسف أن عامية رشيد قد أضرت باللهجة الجزائرية المشتركة نظرا لما فيها من الغنة ومن تعويج الفم والهبوط في التعبير أحيانا. وقد تأثر بذلك جيل أو أكثر فظنوا أن الفن والتعبير الساخر إنما هو في تحريك عضلات الفم ومضغ الكلام، رغم دور رشيد القسنطيني الاجتماعي (٢).


(١) عن رشيد القسنطيني انظر رشيد بن شنب (رشيد القسنطيني)، ١٨٨٧ - ١٩٤٤ أبو المسرح في الجزائر في (الوثائق الجزائرية) رقم ١٦، ١٥ أبريل ١٩٤٧.
(٢) جاء في تقويم المنصور الذي وضعه الشيخ أحمد توفيق المدني سنة ١٣٤٨ (١٩٢٩) أن رشيد القسنطيني قد حضر الحفل السنوي الذي أقامه نادي الترقي في تلك السنة، وألقى في الحفل أناشيد في انتقاد العادات المضرة. ولا ندري إن كان رشيد قد أدرك محمد سفنجة وفرقته وتأثر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>